قصة "إنسانية" أخرى من السجون السورية تخفي وراءها م...
السبت 28 كانون أول - احتيال
عبد السلام الحموي الجمعة 27 كانون أول 2024
الادعاء
تداولت حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك وإكس ومنصة تيك توك، إلى جانب العديد من وسائل الإعلام العربية والعالمية، مثل تلفزيون سوريا وقناة العربية، لقطات ومقاطع فيديو وصور توثق لحظة خروج نساء وأطفال من سجن صيدنايا، وذلك منذ سقوط النظام في 8 كانون الأول/ديسمبر الجاري.
الفيديو الذي يظهر فيه شخص مدني يأمر مجموعة من الفتيات والنساء بالعودة إلى منازلهم، وسط صرخاتهم وملامح الخوف الواضحة على وجوههم، تقول فيه سيدة للرجل "هدول البنات بعهدتي"، مما يثير الشكوك حول مصداقية ادعاء وجودهم في سجن صيدنايا.
أجرى فريق منصة "تأكد" بحثًا موسعًا للتحقق من صحة اللقطات المتداولة حول إخراج عشرات من النساء والفتيات من سجن صيدنايا، وتبيّن أنّها غير صحيحة، وأن الفيديو المتداول يخفي وراءه تفاصيل مختلفة تشمل شبهة سرقة وتخريب، مما يتطلب تحقيقًا من قبل السلطات المعنية.
إذ اتّضح أن الفيديو المتداول مع الادعاء تم تصويره في جمعية "دفى" الواقعة في حيّ باب مصلى، والتي تُعنى برعاية الأطفال المحرومين من الرعاية الأسرية، وليس في سجن صيدنايا الذي يبعد عن موقع الجمعية مسافة تزيد عن 25 كم.
الصوت (١) فداء دقوري، رئيس مجلس إدارة مركز "دفى":
رئيسة مجلس إدارة الجمعية، فداء دقوري، أوضحت لمنصة "تأكد" أنه في ليلة سقوط النظام المخلوع، تعرضت الجمعية لهجوم من قبل مجموعة من المدنيين المسلحين بأسلحة خفيفة ومتوسطة، عرّفوا أنفسهم بأنهم "ثوار"، وقاموا بسرقة حافلات تابعة للجمعية، بالإضافة إلى بطاريات، وأجبروا جميع الموجودين على مغادرة المبنى قبل أن يغادروا المكان.
أضافت دقوري أن المهاجمين لم يستهدفوا الجمعية فقط، بل هاجموا أيضًا سجنًا للأحداث يقع في نفس الشارع، بالإضافة إلى بعض المعاهد في المنطقة، وذلك قبيل وصول إدارة العمليات العسكرية إلى دمشق حينها.
الصوت (٢) فداء دقوري، رئيس مجلس إدارة مركز "دفى":
وحصلت منصة "تأكد" على مقطع فيديو تم تصويره اليوم الجمعة 27 كانون الأول/ديسمبر بطلب منها، ويظهر التسجيل نفس المكان الذي تم تصوير التسجيل المتداول فيه، والذي يُزعم أنه من تحرير سجينات من معتقل صيدنايا.
كذلك حصل فريق منصة "تأكد" على لقطات مصورة من كاميرا المركز، تم تسجيلها بعد عودة التيار الكهربائي وإخراج جميع النساء والفتيات من المبنى، وتُظهر هذه اللقطات بوضوح صور المسلحين الذين نفذوا الهجوم على المركز.
الفيديو (١) لقطات تظهر صور المسلحين الذين نفذوا الهجوم على المركز:
بدورها، دعت دقوري القيادة العامة التابعة للسلطة الانتقالية في سوريا إلى التحقيق في الحادثة ومحاسبة الأشخاص الذين تهجموا على المركز وصوّرا الفيديو، موضحة أنهم انتحلوا صفة عضو في "إدارة العمليات العسكرية" بغرض السرقة. واعتبرت أن تداول الفيديو بشكل مضلل من قبل وسائل الإعلام واعتبار المكان سجن صيدنايا أمر غير مقبول ويضر بمصداقية المقاطع الحقيقية.
وللتحقق من الفيديوهات والصور والقصص التي تزعم وجود نساء وأطفال في سجن صيدنايا، تواصل فريق منصة "تأكد" مع الأستاذ دياب سرية، المؤسس المشارك ومدير رابطة معتقلي صيدنايا، الذي أكد أن صيدنايا هو "سجن عسكري مخصص لاحتجاز الرجال فقط"، مشيرًا إلى أن الملفات الخاصة بالمعتقلين، التي كانت تحت سيطرة النظام سابقًا، أصبحت الآن بيد المدنيين، ولم يتم العثور على أي ملف يثبت وجود امرأة معتقلة في صيدنايا.
وأضاف سرية أن جميع الروايات المتداولة حول وجود سجون سرية أو طوابق مخفية أو أبواب تُفتح بشيفرات خاصة هي روايات ملفقة ولا تمت للحقيقة بصلة، منوّهًا أن البيانات المنشورة سابقًا حول هيكلية بناء السجن تصف تقسيماته بدقّة.
وفي السياق ذاته، تم تداول مقطع فيديو على نطاق واسع، زعم أنه لامرأة مسنّة تم إخراجها من سجن صيدنايا بعد 40 عامًا من الاعتقال، ووفقًا للروايات، كانت هذه المرأة صيدلانية نصحت جارتها بعدم تزويج ابنتها لضابط من الطائفة العلوية، مما أدى إلى سجنها، بعض المنصات ذكرت أن اسمها "إيمان بوادقجي"، بينما لم تُشر الوسائل أخرى إلى اسمها.
ومن خلال البحث عن اسم "إيمان بوادقجي"، تبين أنه اسم لصيدلانية سورية من مدينة حلب، وليست من دمشق وتقيم حاليًا في إسطنبول، تواصل معها فريق منصة "تأكد"، وأوضحت أنها لم تنتبه إلى تداول اسمها في الفيديو المتداول قبل حديثنا معها، وأكدت أنها حريصة على عدم تداول المعلومات المضللة، وأنها ستعمل على مقاضاة المنصة المسؤولة عن ربط اسمها بالادّعاء.
وتوقعت بوادقجي إلى أن ربط اسمها بالمرأة نتيجة مشاركتها للفيديو في منشور عبر حسابها الشخصي والذي حذفته في وقت لاحق بعد أن وردتها عدة تعليقات مشكك بصحة الرواية المرتبطة به.
علاوةً على ذلك حاول فريق منصة "تأكد" الوصول إلى أقارب أو جيران السيدة المسنة التي ظهرت في الفيديو، لكنه لم يتمكن من تحديد اسمها أو المكان الذي خرجت منه بشكل دقيق. ومع ذلك، يؤكد الفريق أن السيدة لم تكن في سجن صيدنايا، حيث لا يوجد معتقلات مخصصة للنساء في السجن، كما أن حالتها الصحية والعقلية، -وفقًا لما يظهر في الفيديو-، لا يمكن رعايتها في السجون، بالإضافة إلى ذلك، فإنّ الاسم المتداول مختلقًا.
© جميع الحقوق محفوظة 2024 - طُور بواسطة نماء للحلول البرمجية