هل رفضت جامعة بيرن السويسرية طلب الدكتوراة الخاص بـ ألبرت أينشتاين؟

تداولت مواقع إخبارية وصفحات عامة ادعاء زعم فيه أن جامعة بيرن السويسرية رفضت طلب الدكتوراة الذي قدمع عالم الفيزياء الشهير ألبرت أينشتاين عام 1907، مرفقةً صورة لرسالة الرفض كدليل يؤكد ذلك.

كان ممن نشر الادعاء صفحة على فيسبوك تسمى (مملكة مصر للتاريخ والمعرفة) وتضمن المنشور الصورة المشار إليها، وذلك بتاريخ 24 آذار/مارس 2023.

احتوت الرسالة النص التالي مترجماً من الإنكليزية:

"جامعة بيرن (سيلدرشتراسه 53012 ــ مدينة بيرن) 6 تموز /يونيو 1907 م.

عزيزي السيد آينشتاين،

طلب الدكتوراة الخاص بك لم يكتب له النجاح هذه المرة، وهذا ما يجعلك غير مؤهل لنيل منصب أستاذ مشارك.

رغم أنك طرحت نظرية مثيرة للاهتمام في مقالتك التي نشرت في مجلة Annalen der Physik (النشرة الدورية للفيزياء)، إلا أننا نشعر بأن استنتاجاتك المتعلقة بطبيعة الضوء والارتباط المهم بين الزمان والمكان هي متطرفة نوعا ما.

بشكل إجمالي، نحن نجد أن افتراضاتك تنتمي للفن أكثر من كونها تنتمي للفيزياء الحقيقية.

المخلص لكم.

البروفيسور فيلهيلم هاينريش عميد العلوم" 

كما ساهمت صفحات وحسابات عديدة بنشر الادعاء. تطّلعون على عينة منها في الجدول أسفل هذه المادة.

دحض الادعاء

أجرى فريق منصة (تأكد) بحثاً للتحقق من الادعاء الذي يزعم أن "الصورة تؤكد رفض لطلب الدكتوراه الخاص بألبرت أينشتاين من جامعة بيرن السويسرية"، فتبين أن الادعاء غير صحيح.

ومن خلال البحث باستخدام الكلمات المفتاحية المرتبطة بالخبر باللغة الانكليزية نجد أن الصورة متداولة سابقاً بشكل كبير بدأً من عام 2016، ونشر موقع (Snopes) حينها تحقيقاً نفى فيه صحة هذه الصورة، كما نشرت مجلة جامعة بيرن تفاصيل وأدلة تبين تزوير هذه الوثيقة، نورد أبرزها آتياً، الأسهل كشفاً فالأصعب.

اللغة الأجنبية للوثيقة

إن أول مؤشر على عدم صحة الوثيقة المزعومة هو كتابتها باللغة الإنكليزية، فكيف لجامعة بيرن السويسرية، البلد الذي لغته الرسمية هي الألمانية، أن ترسل خطاباً باللغة الإنكليزية لباحث ألماني نشر بحثه بالألمانية؟.

 الطابع الموجود على حرف الوثيقة

لا بد للقارئ في أول مرة يرى الطابع الظن بأنه طابع استُخدم في ذلك العصر، إلا أن ذلك غير صحيح، فالطابع مفبرك أيضاً، وصورة العالم الألماني هذه لا توجد في أي طابع أمريكي سعره 25 سنت، بل الصورة ذاتها مستخدمة في طابع أمريكي آخر يباع بـ 8 سنت.

المثير هنا أيضاً أن هذا الطابع لم يكن صادراً في ذلك الحين، بل صدر عام 1966 أي بعد 59 سنة من تاريخ كتابة الورقة المزعومة.

كلية العلوم وعميدها

"Wilhelm Heinrich" لم يكن اسم أي عميد أو بروفيسور في جامعة بيرن في ذلك الوقت، كما أنه لم يكن هناك "عمادة كلية العلوم" في جامعة بيرن حينها، فكليتي الفلسفة والتاريخ، والفلسفة والعلوم الطبيعية لم يكونا قد انفصلتا بعد.

 العنوان

شارع "Sidlerstrasse" المُدرج في الرسالة المزورة موجود فقط منذ عام 1931. وقبل ذلك، كان يُطلق عليه "Sternwartsstrasse"، وأيضاً لم يكن نظام الرمز البريدي الحالي موجوداً في ذلك الوقت، والذي لم يُفعّل إلا في ستينيات القرن الماضي.

خط الكتابة

يمكننا بالتدقيق في الخط المستخدم وكأنه أُضيف على الصورة كطبقة ولم يُكتب عليها مباشرةً، فبالنظر إلى الطيات نلاحظ أن الأحرف لم تتأثر أو تمحى كما هو مفترض، فهي واضحة وكأنها لم تتعرض لأي عامل من عوامل التقادم. 

نستطيع بما سبق من أدلة التأكيد بأن هذه الوثيقة مزورة لا أساس لها من الصحة. لكن هل طلب أينشتاين -الذي كان يعيش في بيرن في ذلك الوقت- رُفض حقًا؟ نعم بالفعل، ولكن بسبب نقص شكلي وليس بسبب الاختلافات العلمية.

فقد أظهرت المراسلات المكتوبة بخط اليد المحفوظة في أرشيف الكانتون -وهو تقسيم إداري للدولة- لبيرن، أن ألبرت أينشتاين قدم طلبه للحصول على تأهيل في الفيزياء النظرية إلى مدير التعليم في كانتون برن في 17 يونيو 1907، وحوِّل الطلب إلى كلية الفلسفة في الجامعة حيث ناقشه أعضاء هيئة التدريس ورفضوه في جلسة 28 أكتوبر 1907 لأنه لم يقدم أطروحة تأهيل وليس بسبب رفض نظرياته. 

في نفس اليوم، رد العميد جوستاف توبلر على آينشتاين، أن هيئة التدريس لا يمكنها تأهيله إلا بعد أن يقدم أطروحة التأهيل، يُعتقد أن آينشتاين قد فعل ذلك في الأشهر التالية، لأنه في 27 فبراير 1908 ، دُعي لإلقاء محاضرة تجريبية في جامعة برن. وبعد فترة قصيرة منحته هيئة التدريس ومديرية التربية والتعليم في بيرن مؤهل التدريس (Venía docendí).

الاستنتاج