تداول ناشطون على منصّتي فيسبوك وإكس مقاطع فيديو وصورًا تُظهر سير العمل في الشارعين، مرفقة بانتقادات اعتبرت الخطوة "طمسًا للهوية التاريخية"، مدّعين أن "الحجارة التي أُزيلت من الشارع تعود لأكثر من ألفي عام"، فيما ذهبت بعض الصفحات إلى الزعم بأن "الحجارة ستُنقل إلى إدلب".
المحتوى الذي يحرص على تضمين خططا خفية لمؤامرة ما ويقوم بالبناء على هذا الأساس بما يدعم توجها ما أو استنتاجا ما، دون أدلة أو قرائن واضحة ومثبتة.
تواصلت منصة "تأكد" مع مصدرين في لجنة حي باب توما بدمشق للوقوف على حقيقة الادعاءات المتداولة حول مشروع ترميم شارعين رئيسيين في الحي التاريخي، وهما رئيس اللجنة القانونية والإعلامية في الحي، المحامي جورج نبيل اصطفان، ومختار الحي طوني شناعة.
وأكد كل من اصطفان وشناعة، في اتصالين هاتفيين منفصلين، أن أعمال الترميم جاءت استجابة لمطالب أهالي الحي، نتيجة سوء شبكة الصرف الصحي وكثرة الحفر في الشوارع، خاصة مع تزايد الضغط على البنية التحتية في المنطقة بفعل النشاط السياحي وافتتاح المطاعم والفنادق.
وأوضح المحامي جورج اصطفان أن المشروع يشمل محورين: الأول يمتد من الكنيسة المرممة إلى قوس باب توما، والثاني من باب توما إلى باب شرقي. وأشار إلى أن "الترميم ضرورة ملحة لتحسين البنية التحتية المهترئة، وقد شهد المشروع لأول مرة تواصلاً مستمرًا ومنسقًا من قبل الجهات المنفذة".
من جانبه، نفى المختار طوني شناعة ما يُتداول عن أن الحجارة المستخدمة في رصف الشوارع تاريخية، موضحًا أن "الحي هو التاريخي، وليس الحجارة نفسها". وأضاف أن الشوارع رُصفت بالحجارة لأول مرة في عشرينات القرن الماضي خلال فترة الاحتلال الفرنسي، ثم أُعيد رصفها عام 2007 بعد أن أُزيلت لفترة.
وبيّن شناعة أن الحجارة التي يتم نزعها حاليًا تُجمّع في ساحة باب توما لإعادة ترميمها، على أن تُعاد لاحقًا إلى مكانها بعد تنفيذ طبقة عازلة من الإسمنت المسلح، بهدف منع تشكّل الحفر مجددًا بعد الانتهاء من تأهيل البنية التحتية.
وأكدا أن أعمال الترميم تجري تحت إشراف مباشر من مديرية الآثار والمتاحف، وبمتابعة من لجنة الحي، لضمان الحفاظ على طابع المنطقة.
قال أحد المهندسين العاملين في مشروع ترميم حي باب توما – فضّل عدم الكشف عن اسمه – إن المشروع يهدف إلى إعادة تأهيل شبكات الصرف الصحي والمياه المتدهورة، إضافة إلى تمديد خطوط الهاتف والكهرباء ودفنها تحت الأرض.
وأوضح في تصريح لمنصة (تأكد) أن المشروع جاء استجابة لمطالب سكان الحي، بسبب كثرة الحفر وتضرر الأرصفة، مشيرًا إلى أن الحجارة القديمة المعروفة بـ"اللبون" ستُعاد إلى مكانها بعد استكمال أعمال البنية التحتية، وأظهرت صور نشرها موقع "صوت العاصمة" المحلي أن حجارة "اللبون" أزيلت بطريقة تتيح إعادة استخدامها.
أكد مدير عام الآثار والمتاحف، أنس زيدان، أن أعمال الحفر والترميم الجارية في مناطق كالحريقة وباب توما بدمشق القديمة، هي "صيانة خدمية ضرورية" تشمل شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي، وتُنفذ بتنسيق كامل مع محافظة دمشق.
وأوضح زيدان، في تصريح لوكالة "سانا" يوم الأحد 3 آب/ أغسطس الجاري، أن المباني الأثرية غير مشمولة بهذه الأعمال، التي تُشرف المديرية على تنفيذها، بما في ذلك ترقيم البلاطات الحجرية وإعادتها إلى مواقعها الأصلية. وأضاف أن هذه المناطق، رغم قيمتها التاريخية، يسكنها مجتمع محلي يحتاج إلى خدمات أساسية، مشددًا على أن ما يجري في باب توما "نموذج لصيانة مهنية بتنسيق محكم".
وأظهر البحث أنه، بالتعاون بين محافظة دمشق وجهات دولية مثل اليونسكو تم تنفيذ أعمال لترميم الطرق والأزقة باستخدام الحجارة التقليدية، بالإضافة إلى تحديث شبكة الصرف الصحي والمياه بأسلوب يحافظ على الطابع المعماري للحارة القديمة.