في أعقاب الغارات الإسرائيلية المكثفة على الأراضي السورية في 2 أيار/ مايو 2025، انتشرت على وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي مجموعة من الأخبار المضللة والكاذبة التي رافقت هذه الأحداث، وجرى تداول مقاطع فيديو وصور قديمة على أنها توثق الغارات الأخيرة، مما ساهم في تضليل الرأي العام وزيادة التوتر.
نشرت قناة الجزيرة، عبر إحدى نشراتها الإخبارية، ادعاءً مرفقاً بمقطع فيديو يُزعم أنه يوثّق لحظة تنفيذ غارة جوية إسرائيلية استهدفت موقعًا عسكريًا تابعًا للفوج 41 قرب مستشفى حرستا العسكري في ريف دمشق، مشيرة إلى تسجيل إصابات نتيجة القصف. وقد جاء الفيديو مصحوبًا بتعليق يؤكد وقوع الهجوم في محيط العاصمة دمشق مساء يوم الحادثة.
في المقابل، انتشرت نسخ من الفيديو ذاته على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي مع رواية مختلفة، إذ زعمت منشورات عديدة أن المشاهد تعود إلى غارة وقعت في محافظة حماة حديثاً أو في سياق الغارات على سورية.
دحض الادعاء
أجرى فريق منصة (تأكد) بحثاً للتحقق من الفيديو المتداول والادعاء الذي يزعم أنه يوثق لحظة تنفيذ غارة جوية إسرائيلية استهدفت موقعًا عسكريًا تابعًا للفوج 41 قرب مستشفى حرستا العسكري في ريف دمشق، وتبيّن أنه مضلل.
إذ أظهرت نتائج البحث العكسي، بواسطة أداة InVid، أن المقطع نُشر لأول مرة في تاريخ 2 نيسان/ أبريل 2025 عبر صفحة مركز حماة الإعلامي، ضمن تغطية مصورة لما قالت إنه "غارات إسرائيلية استهدفت مطار حماة العسكري" حينذاك.
نشرت قناة الحدث عبر شريطها الإخباري ادعاءً نُسب إلى هيئة البث الإسرائيلية يزعم أن طائرات حربية تركية قامت بالتشويش على طائرات إسرائيلية خلال تنفيذها غارات في المنطقة، وأطلقت اتجاهها طلقات تحذيرية كإنذار أخير لمغادرة المجال الجوي وعدم تنفيذ القصف.
وساهم عدد من الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، من بينها حساب جلال ديمير – المعروف بنشره محتوى سياسي مرتبط بالشأن التركي – في تداول هذا الادعاء، إلى جانب صفحات تركية وعربية نشرت المعلومة ذاتها بصيغ مختلفة.
دحض الادعاء
أجرى فريق منصة (تأكد) بحثاً للتحقق من الادعاء الذي نُسب إلى هيئة البث الإسرائيلية والذي يزعم أن طائرات حربية تركية قامت بالتشويش على طائرات إسرائيلية خلال تنفيذها غارات في المنطقة، وأطلقت اتجاهها طلقات تحذيرية كإنذار أخير لمغادرة المجال الجوي وعدم تنفيذ القصف، وتبيّن أنه غير صحيح.
إذ أظهرت نتائج البحث بالكلمات المفتاحية ذات الصلة، باللغتين التركية والعبرية، في مصادر رسمية ووسائل إعلام موثوقة، عدم وجود أي تصريح من وزارة الدفاع التركية أو الإسرائيلية يشير إلى وقوع مواجهة جوية أو تدخل مباشر للطيران التركي في وجه الطيران الإسرائيلي خلال تنفيذ غارات جوية مؤخرًا في الأجواء السورية. كما لم تُسجَّل عبر منصات تتبع حركة الطيران (ADS-B Exchange) أي أنشطة لطائرات تركية في المجال الجوي السوري بالتزامن مع توقيت الغارات المزعومة.
وبالرجوع إلى بيانات موقع GPS JAM المتخصص في رصد التشويش على أنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية (GPS)، لم تسجّل أي أنشطة غير اعتيادية أو ارتفاع في مستوى التشويش في الأجواء السورية أو المناطق الحدودية المجاورة في تاريخ 2 أيار/ مايو 2025، وهو التاريخ الذي ادُّعي فيه وقوع الحادثة. تُظهر خريطة التشويش الصادرة عن الموقع أن معظم مناطق سوريا كانت ضمن نطاق التدخل المنخفض (باللون الأخضر)، وهو ما ينفي أي استخدام محتمل لتقنيات تشويش نشطة كانت ستظهر بوضوح في مناطق العمليات الجوية.
تداولت وسائل إعلام وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، مساء 2 أيار/ مايو 2025، ادعاءً، أرفقته بعض المصادر بمقطع فيديو، يزعم هبوط مروحية إسرائيلية في ريف السويداء، وانتشر الادعاء بشكل واسع قبل صدور أي تأكيد رسمي، بينما لم يتسنّ التحقق من صحة الفيديو المتداول الذي قيل إنه يوثق الهبوط، ولا من توقيته.
لاحقاً، نفت مصادر محلية في السويداء هذه الادعاءات، مؤكدة أن الأصوات التي سُمعت في أجواء بعض المناطق ناجمة عن انفجارات مجهولة السبب، وليس لها علاقة بأي عملية هبوط جوي. ووصفت هذه المصادر ما جرى تداوله بأنه محاولة لتضليل الرأي العام واستغلال حالة التوتر الأمني في المحافظة، مشيرة إلى أن بعض الوسائل الإعلامية تنشر معلومات دون التحقق منها، ما يساهم في تأجيج الصراع القائم.
في المقابل، نقل المراسل العسكري لإذاعة الجيش الإسرائيلي أن مروحية نقل تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي نفذت بالفعل عملية هبوط في السويداء، على بُعد نحو 70 كيلومترًا من الحدود الإسرائيلية، محمّلة بمساعدات إنسانية ومعدات لسكان المنطقة. ووفق الرواية الإسرائيلية، فإن العملية تمت بعيداً عما يُعرف بـ"الحزام الأمني" في جنوب سوريا، وتُعد الأولى من نوعها منذ اندلاع الاضطرابات هناك.
في الثاني من أيار/ مايو 2025، نفذت القوات الجوية الإسرائيلية غارة جوية بالقرب من القصر الرئاسي في دمشق، في تصعيد وصفته الرئاسة السورية بأنه "خطير" . بررت إسرائيل هذا الهجوم بأنه رسالة تحذيرية للحكومة السورية، مطالبة إياها بعدم إرسال قوات إلى الجنوب السوري، في ظل تصاعد العنف الطائفي في ضواحي دمشق مثل جرمانا وصحنايا.
في الوقت نفسه، شنت إسرائيل سلسلة من الغارات الجوية على مواقع عسكرية سورية في محافظات ريف دمشق، حماة، ودرعا، مستهدفة منشآت عسكرية وبنى تحتية للدفاع الجوي. وأُصيب عدد من المدنيين في هذه الغارات، الأمر الذي حظي بإدانات دولية عديدة، معتبرين أن هذه العمليات تزيد من تعقيد الوضع الأمني في سوريا وتعرض الاستقرار الإقليمي للخطر.
المحتوى الذي يتضمن مزيجاً من الحقائق والأكاذيب.