ادعت مصادر محلية من بينها "المرصد السوري لحقوق الإنسان" وحسابات على موقع فيسبوك أن نقابة المحامين في حمص شطبت قيود 75 محاميًا لأسباب طائفية، عبر الإشارة إلى أن غالبية المفصولين ينتمون إلى الطائفتين العلوية والمسيحية، وأن النسبة الأقل من الطائفة السنية.
وأرفق مع الادعاء قائمة تضمنت اسماء المحامين الذين قررت النقابة شطبهم "بناء على قرار مجلس فرع نقابة المحامين بحمص رقم /٢٦١/ بتاريخ ١٨/٦/٢٠٢٥ وعلى أحكام المادة رقم /٢٣/ من قانون تنظيم مهنة المحاماة. وذيلت القائمة بختم وتوقيع رئيس فرع نقابة المحامين في حمص، المحامي محمد بدوي الجوجة
وحاز هذا الادعاء على انتشار واسع عبر الموقع المذكور، يمكنكم الاطلاع على عينة من الحسابات المساهمة بانتشاره في قسم "مصادر الادعاء".
المحتوى الذي يتضمن مزيجاً من الحقائق والأكاذيب.
أجرى فريق منصة (تأكّد) بحثاً للتحقق من صحة الادعاء الذي يزعم أن قرار شطب نحو 75 محامياً من نقابة حمص صدر لأسباب طائفية واستهدف المنتمين للطائفة العلوية والديانة المسيحية بشكل خاص، وتبيّن أن الادعاء مضلل.
ينظّم قانون تنظيم مهنة المحاماة في سوريا، الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 39 لعام 1981، العلاقة بين المحامي والنقابة من حيث الحقوق والواجبات وشروط الممارسة. ويُلزم القانون المحامين بالإقامة الفعلية ضمن نطاق عمل الفرع المنتسبين إليه، مع ضرورة إشعار المجلس بأي تغيير في العنوان خلال مدة أقصاها 30 يوماً. كما يمنح النقابات الفرعية صلاحية شطب القيد في حالات الانقطاع غير المبرر عن المهنة، وفق المادة 23، التي تُعد من النصوص الأساسية في ضبط السجل المهني للمحامين.
وتأتي أهمية هذه المواد في سياق الحفاظ على انتظام العمل النقابي وضمان تمثيل فعلي للمحامين أمام القضاء والمؤسسات الرسمية. وأشار محامون إلى أن قرارات الشطب عادةً إجراءات تنظيمية، تهدف إلى تحديث جداول النقابة والتأكد من أن الأعضاء المقيّدين فيها يمارسون المهنة فعلياً ويُراعون الالتزامات القانونية والإدارية، مع الإبقاء على حق الطعن أو الطيّ في حال تسوية الأوضاع من المحامي المعني.
تواصلت منصة (تأكد) مع عدد من المحامين الواردة أسماؤهم ضمن قرار الشطب، وأكدوا أن الإجراء الذي اتخذته نقابة المحامين في حمص لا يحمل أي طابع طائفي، بل يستند إلى ضوابط قانونية تتعلق بتحديث البيانات وتحديد الإقامة الفعلية. وأوضح البعض عدم تمكنهم من تقديم الاستبيان المطلوب ضمن المهلة المحددة لظروف شخصية، إضافة إلى عدم تلقيهم إشعاراً مباشراً من النقابة أو الزملاء بضرورة استكمال البيانات، مشيرين إلى أن الأرقام المسجلة في ملفاتهم لم تعد قيد الاستخدام. كما أكد البعض أنهم راجعوا مجلس فرع النقابة بعد صدور القرار، وجرى طيّ الشطب بحقهم بعد استكمال الوثائق المطلوبة المشار إليها مسبقاً.
وفي الوقت نفسه، اعتبر بعضهم أن نشر الأسماء بشكل علني شكّل نوعاً من التشهير، وألحق أذى معنوياً غير مبرر، خاصة وأن القرار يُعد من أشد العقوبات في النظام الداخلي للنقابة، وكان من الممكن تجنبه عبر اعتماد وسائل تواصل أكثر فاعلية، كالتبليغ المباشر أو الرجوع إلى بيانات الهجرة لتأكيد الإقامة، وفقاً لما صرّحوا به.
تواصلت منصة (تأكد) مع مكتب نقابة المحامين في محافظة حمص، الذي نفى صحة الادعاءات المتداولة حول وجود دوافع طائفية أو سياسية وراء قرار شطب عدد من المحامين. وأوضح المكتب أن القرار جاء في إطار تنظيم العمل النقابي واستند إلى أحكام قانون تنظيم مهنة المحاماة، الذي يُلزم المحامي بالإقامة الفعلية ضمن نطاق عمل فرع النقابة، وإبلاغ المجلس بأي تغيير في عنوان الإقامة خلال مدة أقصاها 30 يوماً، وفقاً لما تنص عليه المادة 23 من القانون.
ووفقاً النقابة، أصدر مجلس الفرع قبل نحو أربعة أشهر تعميماً دعا فيه جميع المحامين إلى الحضور شخصياً وتعبئة استبيان يتضمن معلوماتهم الأساسية، من بينها عناوين الإقامة وأرقام الهواتف ومواقع المكاتب، وحُددت مهلة أولى لتقديم البيانات حتى نهاية شهر نيسان/ أبريل، ثم جرى تمديدها حتى نهاية أيار/ مايو. وبعد انقضاء المهلة دون استجابة من بعض المحامين، نُشرت أسماؤهم لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.
كما أكدت النقابة أنها تتبع سياسة مرنة في التعامل مع هذه الحالات، إذ يُعاد النظر في قرار الشطب فور مراجعة المحامي المعني وتقديمه ما يثبت وجوده داخل سوريا والتزامه بالمتطلبات القانونية. وبيّنت أن عدداً من المحامين راجعوا المجلس بعد صدور القرار، وطوي الشطب بحقهم دون عوائق، ما يؤكد أن الإجراء إداري وتنظيمي بحت ولا يحمل أي بعد تمييزي.
وفي السياق ذاته، أصدر مجلس فرع نقابة المحامين بحمص بياناً رسمياً عبر فيسبوك بتاريخ 19 حزيران/ يونيو 2025، أكد فيه أن القرار يهدف إلى ضبط سجل المحامين الفعليين وتنظيم العمل النقابي بما يضمن حقوق الموكلين ويحفظ التزامات النقابة المالية والإدارية. وشددت النقابة على أن الإجراءات المتخذة تندرج في إطار تنظيم المهنة ومراعاة قواعد الحضور والتقاضي، مؤكدةً أنها تلتزم بقيم العدالة وآداب المهنة، وتُعامل جميع أعضائها على قدم المساواة، دون أي اعتبارات خارجة عن السياق المهني.