أثارت منشورات ساخرة من حملة "متضامن مع السويداء" استناكراً شديداً من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن حاولت حسابات مستحدثة وأخرى محرضة، تأجيج الكراهية والطائفية عبر نشر صور لموائد ووجبات طعام في محاولة للسخرية من معاناة محافظة السويداء المتضررة بعد الأحداث الأمنية التي شهدتها المنطقة منتصف تموز/ يوليو 2025.
تتبعت منصة (تأكد) هاشتاغ "متضامن مع السويداء" على مواقع التواصل الاجتماعي إكس وفيسبوك لتحديد القائمين عليه ومصدر المنشورات الساخرة، ووجدت أن الوسم يعود لتاريخ 18 تموز/ يوليو 2025، حين شرعت بعض الحسابات على منصة إكس بالتضامن مع المدنيين في السويداء أثناء الأحداث والتوترات الأمنية آنذاك.
وفي تاريخ 27 تموز/ يوليو الجاري، بالتزامن مع إدخال المساعدات الإنسانية لمحافظة السويداء وتبادل الاتهمات بين جميع الأطراف بفرض حصار خانق على المنطقة، بدأت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي بإرفاق وسم التضامن مع السويداء بصور لوجبات طعام مع عبارات ساخرة وأخرى طائفية تهاجم سكان المدينة من الطائفة الدرزية. وعند التحقق من أبرز الحسابات التي نشرت صور الطعام، وجدت منصة (تأكد) أن معظمها حسابات مستحدثة أنشأت أو بدأت نشاطها الموالي للسلطة الجديدة بعد سقوط نظام الأسد في كانون الأول/ ديسمبر من عام 2024، مثل حساب "خالد ليلا" و "Eman Bardawel" و"Mohamad Alabbas".
وحسابات أخرى محرضة على الكراهية تتبنى خطاباً طائفياً وتهاجم المكونات السورية جميعها، مثل حسابات "Abdoulrahim Alabd" و"Lahiff Georgia".
بالإضافة إلى حسابات من دول وجنسيات أخرى مثل "Youesf 🇵🇸" و "@wowikekej".
يُذكر أن بعض الحسابات استخدمت المنشورات المسيئة لنشر الطائفية والتحريض على الكراهية أيضاً.
بالمقابل، استنكر ناشطون سوريون على مواقع التواصل، هذه المنشورات الساخرة من معاناة مدينة السويداء، واستغلال الحالة الإنسانية لنشر الكراهية والطائفية، معبرين عن تضامنهم الكامل مع المدنيين.
يمكن تفسير المشاركة ببعض حملات العنصرية والتحريض على الكراهية بمحاولة مواكبة الـ "ترند" (Trend) والنمط السائد الذي يتبعه الأفراد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف الحصول على أعلى نسبة مشاهدات أو تحقيق أرباح في حال كان الحساب مؤثراً مع عدد كبير من التفاعلات. أو في الغالب مناصرة الجهة التي تمثلها الحسابات المشاركة وتحديد موقف سياسي ضد انتماء أو جهة معارضة، إذ تحولت ثقافة الترند من مجرد عدوى رقمية، إلى نظام هيمنة مكوّن من خوارزميات معقدة يعيد تشكيل الرأي العام، ويصرف الأفراد عن مهامهم وقضاياهم.
وفي هذا السياق، قال وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى على منصة إكس إن "حياة المدنيين واحتياجاتهم الأساسية يجب أن تبقى بمنأى عن أي شكل من أشكال التوظيف السياسي لتحقيق أي أجندات". وأدان الوزير بشدة "التصرفات المتهورة لبعض المجموعات الخارجة عن القانون، والتي تسعى إلى الاستثمار في الأزمات الاجتماعية والسياسية خدمةً لأهداف انعزالية عبر ادعاء وجود حصار تفرضه الحكومة السورية، وهي مزاعم نفاها محافظ السويداء مصطفى بكور مؤكداً على دخول المساعدات وحركة العبور التجاري خلال الأيام الماضية واستمرارية دخولها غداً صباحاً عند معبر بصرى الشام". كما أدان "الحملات الدنيئة لبعض الموتورين من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي التي تتعمد التشفي أو السخرية من معاناة أهلنا في السويداء جراء الأزمة الأخيرة في تكرار مرفوض للخطاب الأسدي القائم على الإقصاء والتحريض".
وختم حمزة المصطفى بيانه على إكس بأن "تجريم خطاب الكراهية والتحريض الطائفي، أياً كان مصدره، يعد أولوية وطنية مع التأكيد على ضرورة تطبيق العقوبات الرادعة بحق المحرّضين والمسيئين دون انتظار إقرار قوانين جديدة من مجلس نيابي شعبي، والانطلاق من بعض مواد القوانين السارية حرصاً على التماسك المجتمعي ووحدة النسيج الوطني".
وشهدت محافظة السويداء وقراها انقطاعاً متواصلاً منذ منتصف تموز/ يوليو الجاري، للإمدادات الغذائية والكهرباء والمياه، نتيجة التوترات الأمنية التي شهدتها المحافظة. وفي 20 تموز/ يوليو 2025، دخلت مساعدات من الهلال الأحمر إلى المدينة، وسط رفض رئيس طائفة الموحدين الدروز حكمت الهجري دخول الوفد الحكومي والمساعدات المقدمة من وزارة الصحة. ويوم الاثنين 28 تموز/ يوليو، وصلت قافلة المساعدات الثالثة إلى مداخل محافظة السويداء، متوجهة من العاصمة دمشق. وقال محافظ السويداء مصطفى البكور، الاثنين، إن قوافل المساعدات الإنسانية نقلت 96 طناً من الطحين و85 ألف ليتر من الوقود إلى المتضررين في المحافظة منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار.
بينما تتهم حسابات منحازة إلى رئاسة الطائفة الدرزية، الحكومة السورية بفرض حصار خانق على السويداء ومنع المساعدات الإنسانية والإمدادات من الدخول.
ويذكر أنه منذ مساء 19 يوليو/ تموز الجاري، يسري في محافظة السويداء اتفاق لوقف إطلاق النار، عقب اشتباكات مسلحة دامت أسبوعاً بين فصائل درزية ومجموعات من العشائر البدوية، خلفت 426 قتيلاً، وفق الشبكة السورية لحقوق الإنسان. وضمن مساعيها لاحتواء الأزمة، أعلنت الحكومة السورية 4 اتفاقات لوقف إطلاق النار بالسويداء.