رصدت منصة "تأكد" نشاطًا جديدًا لإحدى الحملات الإلكترونية التي كان يستخدمها نظام بشار الأسد المخلوع قبل عدة سنوات، وذلك عبر حذف مقاطع فيديو تُظهر تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية والمعيشية في سوريا، بذريعة "انتهاك حقوق الملكية الفكرية"، إضافة إلى تسجيل مخالفات على ناشري تلك المقاطع، مما يؤثر على جودة الصفحات ووصولها إلى الجمهور.
وتلقى عدد من مديري الصفحات العامة والحسابات الشخصية خلال الساعات الماضية إشعارات من منصة فيسبوك، تُبلغهم بحذف مقاطع فيديو نشروها بسبب "انتهاك شروط الخدمة المتعلقة بالملكية الفكرية"، وذلك بناءً على طلب من جهات تدّعي امتلاكها لتلك الحقوق.
تُظهر الإشعارات التي وصلت إلى ناشري تلك المقاطع أن القائمين على البلاغات ينتحلون صفة جهات رسمية، وهي وزارة الإعلام السورية، وإذاعة محلية تحمل اسم "شام أف أم"، التي لعبت دورًا رئيسيًا في تزوير الحقائق وتضليل الجمهور عبر الماكينة الإعلامية التابعة لنظام الأسد طوال سنوات الثورة والحرب، على مدار العقد الماضي.
أصدرت وزارة الإعلام السورية مساء الإثنين، 24 آذار/مارس 2025، بيانًا رسميًا نفت فيه أي علاقة لها بالبلاغات المقدمة من قبل جهات تنتحل اسمها، مستخدمةً بريدًا إلكترونيًا وهميًا بلاحقة غير حكومية. واعتبرت الوزارة أن ذلك يندرج ضمن "محاولات منظمة من قبل فلول النظام البائد وبعض الشركات التي كانت تعمل تحت مظلته سابقًا، والتي ما زالت تسعى إلى ضرب الاستقرار في سوريا وتشويه إنجازات الدولة السورية الجديدة"، وفقًا للبيان المنشور عبر الصفحة الرسمية للوزارة.
أبدى مدير منصة "كوزال" المحلية تخوّفه من استمرار هذه الحملة، التي أثرت بشكل كبير على وصول صفحتهم على فيسبوك، والتي تضم 1.1 مليون متابع، مشيرًا إلى أن هذه البلاغات تؤثر أيضًا على جودة الصفحة، مما ينعكس سلبًا على ظهورها للمتابعين.
وأشار مدير المنصة، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، إلى أنهم، مع عدد من القائمين على صفحات تابعة لمنصات مستقلة أخرى، قرروا الامتناع عن نشر أي محتوى قد يعرّض صفحاتهم لخطر الحذف، نتيجةً لهذه الحملة الأخيرة وحملات سابقة أدت إلى تلقيهم مخالفات بذريعة "الترويج لشخصيات خطيرة". وأوضح أن هذه المخالفات استهدفت منشورات تحتوي على صور ومقاطع فيديو لرئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، الذي تعتبره "ميتا" حتى الآن أحد الشخصيات الخطيرة.
بدوره، أكد مدير "وكالة الصحافة السورية"، ميلاد الشهابي، ما قاله زميله، موضحًا أن البلاغات التي تلقتها صفحة الوكالة خلال الساعات الماضية أدت إلى انخفاض كبير في وصول منشورات الصفحة، كما أعرب عن تخوّفه من إغلاق صفحتهم، التي تضم أكثر من ربع مليون متابع.
من جهتها، قدّمت منصة "تأكد" بلاغًا رسميًا لشركة "ميتا" بشأن هذه الحملة، بهدف التدخل العاجل ووضع حد لها، مرفقةً في بلاغها كافة الأدلة التي تثبت عدم ارتباطها بوزارة الإعلام السورية. وأكدت المنصة أنها ستواصل متابعة البلاغ مع الشركة بصفتها شريكًا موثوقًا لها.
الجدير بالذكر أن هذه الحملة تتطابق مع حملات مشابهة انتشرت خلال السنوات السابقة، حيث يعود أول نشاط لها إلى عام 2020، عندما اشتكى نشطاء سوريون من حظر "فيسبوك" نشر بعض الفيديوهات التي توثّق خروج مظاهرات مناهضة لنظام الأسد في السويداء، بذريعة "انتهاك حقوق الملكية".
وفي ذلك الوقت، أبلغت "تأكد" القائمين على "فيسبوك" بالحملة، ليقوموا بدورهم برفع الحظر عن تلك الفيديوهات. إلا أن الحملة عادت للنشاط مجددًا في عام 2023، وبالطريقة ذاتها. وتبيّن أن القائمين على الحملتين المشار إليهما هو شخص ارتبط اسمه بروسيا ونظام الأسد.
وكانت منصة "تأكد" قد نشرت الشهر الماضي تحقيقًا مفصّلًا بعنوان "من الاستخبارات العسكرية إلى التضليل.. أحد أقطاب إعلام نظام الأسد يتهرب من العدالة بمزيد من الكذب"، تضمّن كافة الأدلة والإثباتات حول الدور الذي لعبه هذا الشخص والشركة الوهمية التي يديرها في غسيل المعلومات.