تداول مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي، يوم الثلاثاء 8 نيسان/أبريل 2025، ادعاءً مرفقًا بمقطع فيديو يزعم العثور على جثة لشخص مجهول الهوية، قُتل ونُكّل بجثته في عهد نظام الأسد، حيث لم يتبقَّ من الجثة سوى العظام التي عُلّقت فوق سطح بناء في مدينة كفرنبل التابعة لمحافظة إدلب.
ويُظهر الفيديو المرفق بالادعاء هيكلًا عظميًا مثبتًا على أحد أعمدة بناء قيد الإنشاء، ويُسمع خلاله صوت المصوّر وهو يخاطب شخصًا آخر ويطلب منه إرسال آلية لنقل العظام.
وحظي الادعاء بانتشار واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن ساهمت عدة حسابات في تداوله، مرفقًا بالفيديو المشار إليه أو بصورة مجتزأة منه تُظهر الهيكل العظمي. يمكن الاطلاع على عينة من هذه المنشورات في قسم "مصادر الادعاء".
المحتوى الذي يتضمن معلومات خاطئة شرط أن لا تؤثر على المحتوى بالكامل.
أجرى فريق منصة "تأكد" بحثًا للتحقق من صحة الادعاء المتداول، والذي يزعم أن الفيديو المرفق يوثّق "جثة حقيقية لشخص مجهول الهوية قُتل ونُكّل بجثته في عهد نظام الأسد، ولم يتبقَّ منها سوى العظام." وتبيّن أن هذا الادعاء خاطئ.
وأظهر البحث، باستخدام كلمات مفتاحية مرتبطة بالادعاء، صورة مقرّبة للهيكل العظمي الظاهر في الفيديو بعد إنزاله، كشفت عن تفاصيل أوضح. وعُرضت المنصة هذه الصورة على طبيب مختص في جراحة العظام، لاستشارته بشأن احتمالية أن تكون العظام الظاهرة بشرية حقيقية، فنفى ذلك بشكل قاطع.
وأشار الطبيب إلى أن الخصائص الظاهرة على الهيكل العظمي المتداول لا تتوافق مع السمات البيولوجية لعظام بشرية خضعت لعمليات التحلل الطبيعي. موضحًا أن الوضعية التي وُضع فيها الهيكل لفترة طويلة، والبيئة المحيطة به، لا تتماشيان مع ما هو متعارف عليه علميًا حول تحلل العظام، خصوصًا عند تعرضها المباشر لعوامل الطقس مثل الشمس، الأمطار، الرياح، والتقلبات الحرارية.
وأضاف أن "العظام البشرية في مثل هذه الحالات تُظهر عادة علامات تآكل واضحة، وتغيّرًا في اللون نحو البني أو الرمادي، إضافة إلى تفكك تدريجي في البُنى الدقيقة مثل الزوائد الشوكية والغضاريف المفصلية. وهذا لا يظهر على الهيكل الظاهر في الفيديو، الذي احتفظ بلونه الأبيض وتماسكه الكامل وبنيته المتجانسة الخالية من أي مؤشرات على تحلل طبيعي طويل الأمد."
وتابع الطبيب أن "الصور المقرّبة للهيكل تشير إلى وجود آلية تركيب صناعية، حيث تُثبّت الأضلاع في العمود الفقري من خلال تجاويف أو نقاط تثبيت مصممة مسبقًا، تُستخدم عادة في النماذج التشريحية الصناعية. كما أن المظهر العام للعظام، بما في ذلك ملمسها الأملس وتجانس مادتها، يوحي بأنها مصنوعة من مواد صناعية مثل الأكريليك أو البولي يوريثان، وهي مواد تُستخدم على نطاق واسع في تصنيع النماذج الطبية والتعليمية لما تتميز به من دقة ومتانة وخفة وزن."
وبناءً على هذه المؤشرات، خلص الفريق إلى أن الهيكل الظاهر في الفيديو لا يُمثّل بقايا بشرية حقيقية، بل هو نموذج صناعي يُستخدم عادة لأغراض تعليمية أو توضيحية.
في ديسمبر 2024، كُشف عن عدد من المقابر الجماعية في سوريا، أبرزها في منطقتي القطيفة ونجها قرب دمشق، ويُعتقد أنها تضم رفات عدد كبير من السوريين الذين قضوا في سجون النظام. كما عُثر على بقايا جثث متحللة وهياكل عظمية، بعضها تعود لأطفال، داخل مستودع أدوية في منطقة السيدة زينب بدمشق. وفي الفترة ذاتها، تم اكتشاف مقابر جماعية في محيط قرية القبو بريف حمص، وكذلك قرب مدينة السويداء، وتضم أعدادًا كبيرة من الجثث.