الفيديو الذي زُعم أنه لطائرات روسية مدمرة غير حقيقي ومولد بالذكاء الاصطناعي

رافي برازي
calendar_month
نشر: 2025-06-03 , 4:09 م
edit
تعديل: 2025-06-05 , 10:21 ص

الادعاء

 تداولت حسابات على موقعي إكس وفيسبوك، يوم الثلاثاء 3 حزيران/ يونيو 2025، مقطع فيديو يُظهر عددًا كبيرًا من الطائرات الروسية المدمرة على مدرج مطار عسكري، وزعمت أنه يوثق آثار هجوم بطائرات مسيّرة أوكرانية استهدف أكثر من 40 طائرة قاذفة روسية، مما أدى إلى تدميرها بالكامل وتحويلها إلى حطام، وأشارت أن ذلك يشكّل "انتقامًا رمزيًا" للسوريين الذين تعرّضوا لقصف الطيران الروسي خلال السنوات الماضية.


المقطع مصوّر من الجو بلقطات متتابعة لعشرات الطائرات الحربية من طراز ميغ وسوخوي، وهي مركونة في مطار مكشوف، وتبدو عليها آثار التدمير، كالاحتراق والانفجار والثقوب الناتجة عن الشظايا، كما يظهر تناثر الحطام بين الطائرات على أرضية المدرج. يوحي المشهد بوقوع استهداف واسع النطاق، وتبدو اللقطات مكررة بزوايا مختلفة.

وحظي الفيديو والادعاء المرفق بانتشار واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن ساهمت عدة حسابات في تداوله بصيغ مختلفة، يمكن الاطلاع على عينة من هذه الحسابات في قسم "مصادر الادعاء".

 

تضليل

المحتوى الذي يتضمن مزيجاً من الحقائق والأكاذيب.

دحض الادعاء

أجرى فريق (تأكد) بحثاً للتحقق من صحة الفيديو والادعاء الذي يزعم أنه يوثق آثار هجوم بطائرات مسيّرة أوكرانية على قاعدة جوية روسية دمّر أكثر من 40 طائرة قاذفة، وتبيّن أن الادعاء مضلل.

إذ أظهرت نتائج البحث العكسي، باستخدام أداة InVid، أن المقطع المتداول نُشر أول مرة على منصة تيك توك بتاريخ 2 حزيران/ يونيو 2025، مرفقًا بالنص التالي: "أوكرانيا تزعم أنها استهدفت أكثر من 40 طائرة قاذفة روسية في هجوم بطائرات مسيّرة، في ما وُصف بأنه أسوأ يوم في تاريخ سلاح الجو الروسي." وحصد منذ نشره تفاعلاً واسعاً، بآلاف الإعجابات والتعليقات التي تعاملت مع المشاهد بوصفها واقعية.

إلا أن التحليل البصري للمحتوى يشير إلى أن المشاهد ليست حقيقية، بل مولَّدة باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، سواء من حيث طبيعة التفاصيل البصرية أو تكرار العناصر.

طائرة مقاتلة بثلاثة محركات: خلل تصميمي يفضح الزيف

تُظهر إحدى لقطات الفيديو المتداول طائرة مقاتلة في مقدمة المشهد مزودة بثلاثة محركات نفاثة مصطفة، وهي سمة غير موجودة في أي طائرة مقاتلة روسية معروفة. فعلى سبيل المثال، تُعد طائرة ميغ-29 من أكثر المقاتلات الروسية تشابهاً للطائرة التي في الفيديو، والتي تتميّز بهيكل مزدوج الذيل ومحركين فقط. الأمر ذاته ينطبق على طائرات سو-27 وسو-35 وسو-30، والتي تعتمد جميعها على تصميم ثنائي المحركات.

طائرة مقاتلة مزودة بثلاثة محركات نفاثة

في المقابل، لا يوجد في الترسانة الروسية الحالية أو السابقة طراز مقاتلة بثلاثة محركات، لا من حيث التكوين ولا من حيث الضرورة الهندسية. إن دمج محرك ثالث في هذا السياق لا يلبّي أي غرض معروف في تصميمات الطائرات الحربية الحديثة، ويُعدّ مؤشرًا واضحًا على توليد بصري باستخدام الذكاء الاصطناعي، حيث تفتقر النماذج إلى فهم دقيق للمنطق التقني للطائرات العسكرية.

 طائرة واحدة برأسين: تشوّه بصري يكشف التزوير

إحدى الطائرات الظاهرة في الفيديو لها تكوين غير منطقي وغير مسبوق في أي طائرة حربية معروفة؛ إذ تبدو وكأنها تجمع مقدّمتين أو كابينتي قيادة متصلتين في جسم واحد، بشكل متعاكس أو متراص بطريقة غير مفهومة. هذا التكوين الغريب لا يمتّ بصلة لأي طراز حربي مستخدم في روسيا أو أي دولة أخرى، سواء كان قاذفة أو مقاتلة أو طائرة تدريب.

فليس ثمة طائرة حربية معتمدة عالميًا تحتوي على رأسي طائرة أو كبينتي قيادة بهذا الشكل الطولي المزدوج، ما يشير إلى تشوّه بنيوي ناتج عن خلل في توليد الصورة باستخدام الذكاء الاصطناعي، وهي سمة شائعة في المحتوى الذي تُنتجه أدوات توليد الفيديوهات بالذكاء الاصطناعي.

اندماج الأشخاص في خلفية المشهد

في تسلسل اللقطات الظاهرة في الفيديو، يمكن رصد شخصين يقفان على يمين الطائرة الأمامية، لكن مع تقدّم المشهد، يظهران وكأنهما يندمجان تدريجيًا مع بعضهما ويتلاشيان في الكتلة البصرية للطائرات المجاورة.

هذا النوع من التشوّه يُعرف في تقنيات الذكاء الاصطناعي باسم الهلوسة الاصطناعية، حيث تعيد الخوارزمية إنتاج الأجسام بطريقة غير واقعية عند محاولة بناء مشهد مركّب، خاصة حين يتعلق الأمر بكائنات حية مثل البشر. في اللقطات المرفقة، يبدو أن النموذج البصري فقد القدرة على فصل الطبقات بين الأشخاص والبيئة المحيطة بهم، ما أدى إلى تداخل الأجساد كما لو كانت أطيافاً أو عناصر ذائبة في الخلفية.

أوكرانيا تدمر قاذفات استراتيجية روسية بعملية نوعية

نفّذت أوكرانيا في 1 حزيران/ يونيو 2025 عملية دقيقة بطائرات مسيّرة حملت اسم "شبكة العنكبوت"، استهدفت عدّة قواعد جوية روسية داخل العمق الروسي، من بينها "بيلايا" في إيركوتسك و"أولينيا" في مورمانسك و"دياجيليفو" في ريازان. أطلقت العملية أكثر من 100 طائرة مسيّرة من شاحنات مموّهة، وأسفرت عن تدمير و إتلاف 41 طائرة حربية، بينها قاذفات استراتيجية من طراز Tu-95 وTu-22M وطائرات الإنذار المبكر A-50، أي نحو 34% من أسطول القاذفات الاستراتيجية الروسي، بكلفة تقديرية تجاوزت 7 مليارات دولار.

وتُعدّ هذه الضربة سابقة في مدى عمقها ونطاقها، حيث كشفت هشاشة منظومة الدفاع الجوي الروسي وأثارت تساؤلات حول قدرة موسكو على حماية بنيتها الجوية. ووفق محللين عسكريين، فإن خسارة هذا العدد من الطائرات -والتي يصعب تعويضها بسبب توقف خطوط الإنتاج- من الممكن أن تُضعف قدرة روسيا على تنفيذ ضربات استراتيجية طويلة المدى، في وقت تتزامن فيه العملية مع مفاوضات سلام جارية في إسطنبول.

 

الاستنتاج

  1.  الادعاء الذي يزعم أن مقطع الفيديو يوثق تدمير أكثر من 40 طائرة روسية إثر هجوم أوكراني بطائرات مسيّرة، هو ادعاء مضلل.
     
  2. أظهرت نتائج التحليل أن الفيديو لا يوثق مشاهد حقيقية، بل مفبرك بمحتوى مولَّد باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي.
     
  3. أُدرجت المادة في قسم "تضليل" وفق "منهجية تأكد".​

لماذا تأكد؟!

منصة تأكد منصة مستقلة وغير متحيزة متخصصة بالتحقق من الأخبار والمعلومات تأسست في سوريا أوائل عام 2016 لمواجهة انتشار المعلومات المضللة.

معتمدة من:

certified

دليل التحقق

certified

شاركنا لنتأكد

© جميع الحقوق محفوظة لمنصّة تأكّد 2025