نشر الحساب الرسمي للجيش الإسرائيلي على منصة إكس، مقطع فيديو زعم أنه يوثّق استهداف سلاح الجو التابع له عدة أهداف عسكرية، منها منصات إطلاق صواريخ في غرب إيران، يوم الثلاثاء 17 حزيران/ يونيو 2025.
تظهر في إحدى اللقطات في المقطع منصة إطلاق صواريخ قائمة في منطقة جرداء، قبل أن تتعرض في الثواني اللاحقة لضربة مباشرة، ما أدى إلى انفجارها. ونال المقطع تفاعلاً واسعاً، إذ حصد نسبة كبيرة من المشاهدات والمشاركات.
المحتوى الذي يتضمن مزيجاً من الحقائق والأكاذيب.
تحقق فريق منصة (تأكد) من صحة الفيديو الذي نشره الحساب الرسمي للجيش الإسرائيلي وزعم أنه يوثق استهداف منصة صواريخ في غرب إيران، فتبيّن أن الادعاء مضلل
إذ أظهر البحث العكسي أن مشهد استهداف منصة إطلاق الصواريخ ذاته نُشر على الحساب الرسمي للجيش الإسرائيلي ضمن مقطع آخر قبل يوم واحد فقط، أي بتاريخ 16 حزيران/ يونيو، على أنه يوثق ضرب أهداف عسكرية في مدينة أصفهان وسط إيران. يُظهر التحليل تطابق المشهدين من حيث شكل المنصة، المركبة المرافقة، والخطوط الدائرية للإطارات على الأرض، لكن جرى التلاعب بصرياً بالمشهد، من خلال تغيير التباين والألوان وأبعاد اللقطة، ليبدو كأنه استهداف جديد، وهذه تفاصيل التحليل:
عند مقارنة الصورتين المرفقتين، يتبيّن أن علامة التصويب البيضاء تظهر في الموضع نفسه تماماً على منصة إطلاق الصواريخ في كلا المقطعين، إذ تظهر المنصة الطولية على يمين مركبة عسكرية ثقيلة، وتتركز علامة التصويب بدقة على الجزء الأوسط من المنصة في نفس الإحداثية، دون أي انزياح يذكر، رغم الزاوية المختلفة للعرض في كل مقطع.
في كلتا الصورتين، يظهر بوضوح آثار مزدوجة لعجلات مركبة ثقيلة في منحنى واسع إلى يسار منصة الإطلاق، هذه الآثار الترابية تتطابق من حيث الشكل والموقع والانحناء، وتلتف بطريقة متماثلة خلف القاذف، ما يعزز فرضية أن المشهد واحد.
كما يُلاحظ أن الطريق الترابي القريب من منصة الإطلاق، وتقاطع خطوطه مع موضع المركية، يظهران بنفس النمط في كلا المقطعين، رغم اختلاف الزاوية والتباين.
هذا التطابق الدقيق في التفاصيل الأرضية يؤكد أن اللقطتين صُوِّرتا في نفس الموقع والحدث، وأن الاختلاف الظاهري في الصورة ناتج فقط عن تعديلات بصرية مثل اختلاف التباين أو الإضاءة أو زاوية التصوير، وليس نتيجة استهداف مختلف كما زُعم.
تظهر منصة إطلاق الصواريخ متطابقة في الصورتين، إذ تحمل كل منهما صاروخاً طويلاً مثبتاً على مركبة من الطراز نفسه، مع تطابق كامل في الشكل الخارجي وهيكل التثبيت. كما أن وضعية القاذف ومكان تثبيته على سطح المركبة متطابقان بشكل دقيق.
كذلك، يظهر في كل من الصورتين صاروخان داخل القاذف في وضعية متماثلة تماماً من حيث الطول والزاوية ومكان التثبيت داخل الأنبوب، دون أي اختلاف في الشكل أو المواصفات.
من الملاحظ في الصورتين أن تموضع الظلال والتدرجات الداكنة والفاتحة على الأرض متطابقة تقريباً، سواء في محيط المركبة أو على امتداد المساحات الترابية المحيطة بها. اتجاه الظلال وطولها وشدتها تظهر بشكل متماثل في اللقطتين، ما يشير إلى أن زاوية التصوير واتجاه الضوء كانا متشابهين إلى حد كبير.
يشير هذا التطابق إلى أن اللقطتين التُقطتا في ظروف إضاءة متطابقة تقريباً، سواء تحت ضوء الشمس المباشر أو مصدر إضاءة صناعي ثابت، إذ إن تشابه الظلال بهذا الشكل لا يحدث عادة إلا في حال التصوير في نفس الإحداثيات الجغرافية والزمنية أو باستخدام نفس الوسيلة الجوية ضمن مهمة واحدة، وهو ما يستبعد أن تكون اللقطتين من موقعين مختلفين أو توثقان حدثين منفصلين.
تخوض إسرائيل وإيران حربًا مزدوجة، عسكرية وإعلامية، تسير فيها الكاميرا جنبًا إلى جنب مع الصاروخ. في هذه المعركة، لا تُستخدم الصور لتوثيق الواقع، بل لإعادة إنتاجه بشكل يخدم السردية الدعائية لكل طرف. إذ تُنشر لقطات الانتصارات والهجمات قبل التحقق منها بهدف خلق واقع نفسي يُظهر الطرف المُبادر في موقع التفوق.
وفي هذا السياق، أظهر تقرير تحليلي لمنصة (تأكد) أن الجيش الإسرائيلي استخدم لقطات أرشيفية في إطار صناعة روايتها. ففي 13 حزيران/ يونيو 2025، نشر الجيش الإسرائيلي مقطعًا قال إنه يوثق هجومًا صاروخيًا إيرانيًا على تل أبيب، لكن تحقيقًا لقناة TF1 الفرنسية كشف أن الجزء الأول من الفيديو مأخوذ من مشاهد تعود إلى 9 تشرين الأول/ أكتوبر 2024. هذا التلاعب يعكس محاولة لتسويق مشهد دعائي سريع يُظهر إسرائيل كهدف مباشر، ويعزز سردية الرد والتهديد، من خلال مقاطع خارجة عن سياقها الزمني والمكاني.