تتداول حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤخراً، ادعاءات متضاربة حول تمديد قانون قيصر وإلغاء العمل به، والحقيقة أن لجنة الخدمات المالية في مجلس النوّاب الأميركي أجازت يوم الأربعاء 23 تموز/ يوليو الجاري، مشروع قانون لتعديل "قانون قيصر" بدلاً من إلغائه، تحت عنوان "قانون محاسبة العقوبات على سوريا" حيث صوّت على مشروع القرار 31 نائباً في حين عارضه 23 نائباً.
محاولة إلغاء قانون قيصر
بدأت واشنطن منذ النصف الأول من عام 2025 في مراجعة شاملة لقانون قيصر الذي شكّل لسنوات أحد أبرز أدوات الضغط الاقتصادي والسياسي على النظام الأسد. وفي 30 حزيران/ يونيو 2025، أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا جديدًا (Executive Order 14312) أنهى حالة الطوارئ الوطنية الخاصة بسوريا، التي كانت الأساس القانوني للعديد من برامج العقوبات المفروضة على دمشق. تبِع ذلك إعلان وزارة الخزانة الأميركية منح ترخيص عام مؤقت لمدة 180 يومًا، يُجمِّد فعليًا معظم العقوبات الثانوية المفروضة بموجب قانون قيصر، في محاولة لفتح المجال أمام عمليات إعادة الإعمار والمساعدات الإنسانية والتنمية الاقتصادية.
وبينما اعتُبر هذا القرار "تحوّلاً كبيراً" في نهج واشنطن تجاه سوريا، أكدت الإدارة الأميركية أن العقوبات المتعلقة بجرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان ستبقى قائمة، وأن بشار الأسد وبعض رموز حكمه لا يزالون تحت العقوبات الفردية.
إلا أن هذا التحول التنفيذي لم يُقابل بإجماع تشريعي داخل الكونغرس الأميركي. إذ قدّم النائب مايكل لولر مشروع قانون جديد بعنوان "محاسبة عقوبات سوريا 2025"، يهدف إلى تمديد التراخيص المؤقتة لمدة عامين، لكنه يربط أي رفع دائم للعقوبات بتحقيق الحكومة السورية سلسلة من الشروط، أبرزها احترام حقوق الإنسان، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون تسييس أو قيود، والتعاون في ملف المخدرات وعودة اللاجئين والكشف عن مصير المفقودين. ومن جهة أخرى، ظهرت دعوات أقل تأثيراً تسعى إلى إلغاء القانون بشكل كامل، مثل مشروع النائب جو ويلسون الذي لم يلقَ حتى الآن تأييداً واسعاً داخل اللجان التشريعية الرئيسة.
وفي متابعة مقربة للملف؛ كشف الناشط السوري في حقوق الإنسان محمد علاء غانم، عن تفاصيل الجهود المبذولة في الساعات الأخيرة لعرقلة مشروع القانون، مشيراً إلى أن جهات من الجالية السورية الأميركية تمكنت، خلال 24 ساعة فقط، من تشكيل معارضة حقيقية داخل لجنة الخدمات المالية، بعدما كان المشروع في طريقه للإجازة بالإجماع ومن دون اعتراض.
وقال غانم إن ناشطين وممثلين عن الجالية تواصلوا مباشرة مع عدد من أعضاء اللجنة عبر هواتفهم الشخصية، وتمكنوا من إقناع عميدة الديمقراطيين في اللجنة، النائبة ماكسين ووترز، ليس فقط برفض المشروع، بل بتقديم مقترح تعديل باسمها. وأشار إلى أن الأحداث الأمنية الأخيرة في محافظة السويداء السورية أثّرت سلباً على المناخ السياسي داخل الكونغرس، حيث أبدى بعض الأعضاء رغبة في الحفاظ على أوراق ضغط ضد الحكومة السورية، وهو ما انعكس على مجريات النقاش داخل اللجنة.
وبالحديث عن التطورات الأخيرة، قال الناشط السوري على منصة إكس إن لجنة الخدمات المالية في مجلس النوّاب أجازت مشروع قانون لتعديل قانون قيصر بدلاً من إلغائه، وكانت نتيجة التصويت ٣١ موافق و٢٣ معترض. موضحاً أن هذا التطور "لا يعني أنّ المشروع صار قانوناً نافذاً فأمامه طريق طويل لكنّه يعني تجاوز المشروع لخطوة أولى مهمّة".