ما حقيقة الخلاف بين الفصائل المدعومة من تركيا والق...
الثلاثاء 17 كانون أول - احتيال
ياسين أبو فاضل السبت 25 أيار 2024
بتاريخ الخامس من كانون الأول، تظاهرت حوالى 150 امرأة أمام مقرّ الأمم المتّحدة في نيويورك متهمة المجتمع الدولي بالصمت"جرائم العنف الجنسي" المتّهمة حركة حماس بارتكابها خلال عملية طوفان الأقصى.
وقالت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون، خلال جلسة استماع عن العنف الجنسي داخل الأمم المتحدة آنذاك إنه “من المشين أن بعض الذين يزعمون أنهم يدافعون عن العدالة يغلقون عقولهم وقلوبهم أمام ضحايا حماس”، منددة بتلك الانتهاك المزعومة.
وفي ذات اليوم، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال حفل لجمع التبرعات لحملته الانتخابية في بوسطن إن تقارير تفيد عن اغتصاب نساء - اغتصاب متكرر - وتشويه أجسادهن وهن على قيد الحياة - وتدنيس جثث نساء، وإلحاق إرهابيي حماس أكبر قدر ممكن من الألم والمعاناة بالنساء والفتيات ثم قتلهن"، داعياً إلى إدانه ذلك السلوك وواصفاً إياه بالمروع.
ورغم نفي حماس المتكرر لادعاءات العنف الجنسي، إلا أن تلك المزاعم أخذت نسقاً تصاعدياً مدفوعاً بتناقل العديد من وسائل الإعلام الغربية شهادات أدلى بها عدد من كبار مسؤولي منظمة زاكا وهي منظمة تطوعية لليهود الأرثوذكس (أصوليين) المتطرفين تعمل في مجال الإنقاذ وجمع الجثث بما يتماشى مع العقيدة اليهودية، بحسب صحيفة تلغراف البريطانية.
ففي الثاني من كانون الأول الماض، قال حاييم أوتمازجين قائد العمليات الخاصة في زاكا وهو رتبة رائد لشبكة RND الألمانية إنه "بعد المذبحة التي ارتكبها إرهابيون من حماس وجماعات أخرى، عثر على العديد من النساء ميتات وبطونهن عارية"، مضيفاً أنه شاهد "جثة امرأة عارية، طعنت بأداة حادة في عورتها أيضا"، علماً أن أوتمازجين كان قد تورط بسرقة مخطوطة تاريخية من مدينة أنطاكيا التركية إبان الزلزال المدمر عام 2023 ما أثار أزمة بين أنقرة وتل أبيب التي اضطرت لاعادة المخطوط.
وأضاف أوتمازجين في حديثه للشبكة أنه عثر على فتاة تبلغ من العمر 14 عاما تعرضت للاغتصاب والقتل في منزل في كيبوتس بيري، حيث كانت مستلقية على أرضية غرفة نومها، وبطنها العاري، وساقاها متباعدتان، وآثار السائل المنوي على ظهرها ومصابة برصاصة في الرأس.
بعد ذلك بأيام وتحديداً في السابع من كانون الأول 2023، أكد أوتمازجين حديثه لقناة BFMTV، أن لديه ما يقرب من 3000 صورة توثق عمليات الاغتصاب وقتل النساء هذه. وقال : “كنت هناك، ورأيت ذلك بعيني، وجمعت هذه الجثث بيدي، والتقطت هذه الصور بهاتفي”.
وعبر عن اعتقاده أن عشرات النساء تعرضن للاعتداء الجنسي قبل أن يقتلهن مقاتلو حماس بالرصاص وادعى أنه رأى "امرأة مجردة من ملابسها، طعنت بسكين" وفي حالة أخرى طعنت إمرة بمقص في منطقة العضو التناسلي.
كما قال لموقع القناة "لقد عثرنا على امرأة تم تمزيق قميصها وحمالة صدرها، وكانت شبه عارية، وملابسها الداخلية مرفوعة عالياً. وقد أصيبت برصاصة في رأسها وأخرى في المهبل".
لاحقاً في الثامن والعشرين من كانون الأول، ظهر أوتمازجين على قناة الكنيست الإسرائيلي مدلياً بإفادة قال خلالها إنه شاهد عقب هجوم طوفان الأقصى عشرات الجثث المحترقة أو المشوهة ومن بين الجثث جثة مراهقة مقتولة بالرصاص ومنفصلة عن عائلتها في غرفة مختلفة، حيث تم سحب سروالها إلى الأسفل.
وأضاف خلال شهادته التي ترددت في معظم أنحاء العالم وروَّج لها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن الفتاة ربما تعرضت لاعتداء جنسي.
وفي الثلاثين من كانون الأول، نقل موقع صحيفة تلغراف البريطانية عن أوتمازجين أنه وعندما وصل إلى بئيري، تم توجيهه نحو منزل تم تجريفه مؤخراً بحثاً عن ألغام محتملة.
وأضاف مستعرضاً صورة على هاتفه المحمول لباب معدني أبيض مملوء بالرصاص أنه رأى في ذلك المنزل غرفة بداخلها امرأتان مصابتان بالرصاص في الرأس وفي الغرفة التي أمامها، كانت هناك جثة شابة على السرير، سحب سروالها وملابسها الداخلية إلى الأسفل، وقد أصيبت برصاصة في رأسها".
وبحسب مزاعم أوتمازجين، كانت جثة امرأة أخرى تم انتشالها من تحت الأنقاض عارية تماما، وإمرأة أخرى كان لديها شيء يشبه السكين تم غرسه في عضوها التناسلي.
اللافت أن تقرير التلغراف الذي جاء تحت عنوان "لماذا قد لا يُعرف أبداً الحجم الكامل للجرائم الجنسية التي ترتكبها حماس" أنه وخلافاً للتقارير السابقة تضمن هذه المرة تبريرات لعدم توثيق تلك الجرائم الجنسية المزعومة من قبل طواقم الطب الشرعي الإسرائيلية من قبيل أن الجميع كانوا في عجلة من أمرهم في المشرحة لتسليم الجثث للعائلات لدفنها بدلاً من البحث عن أدلة حول ما حدث لهم بالضبط.
كما تكررت تبريرات عدم تحقق الطب الشرعي من وقوع اعتداءات الجنسية بتقارير مشابهة لموقع جيروزاليم بوست، وصحيفة نيويورك تايمز التي نقلت موشيه فينتزي، كبير المتحدثين باسم الشرطة الإسرائيلية، إنه لم يتم تشريح أي من جثث القتلى التي جمعت بعد هجوم السابع من أكتوبر.
لكنه في نفس الوقت أكد أن ليس لدى السلطات الإسرائيلية نقص في أدلة الفيديو الخاصة بهجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول. لقد جمعوا ساعات من اللقطات من كاميرات حماس وكاميرات القيادة والكاميرات الأمنية والهواتف المحمولة التي تظهر إرهابيي حماس وهم يقتلون مدنيين والعديد من صور الجثث المشوهة.
يوسي لاندو رئيس العمليات المنطقة الجنوبية في زاكا، ادعى هو الآخر وقوع انتهاكات ذات طابع جنسي وعمليات حرق وقطع رؤوس أطفال في أحاديثه لوسائل الإعلام الغربية مثل ونيويورك تايمز وإن بي إس، وسكاي نيوز وقد كشفت هآرتس والجزيرة في وقت لاحق عدم صحة روايات قتل وحرق الأطفال التي روج لها لاندو.
وظهر لاندو على شاشة سي إن إن في السابع عشر من تشرين الأول 2023 مطلقاً سيلاً من الادعاءات منها أنه رأى مستوطنة في بئيري، امرأة حامل مستلقية على الأرض، وجنينها لا يزال متعلقا بالحبل السري المنتزع من جسدها متهما عناصر حماس بهذا الفعل.
وخلافاً لزميله الذي تحدث عن مئات الصور التي التقطها قال لاندو في حديث لـ نيويورك تايمز في الثامن والعشرين من كانون الأول 2023 أنه لم يلتقط أي صورة لأن ذلك لم يكن مسموحاً.
رغم الزخم الذي اكتسبته تلك المزاعم إلا أنها اصطدمت مع استنتاجات فريق الأمم المتحدة الذي يحقق في اتهامات العنف الجنسي واكبت عملية طوفان الأقصى
ووصف المحققون الروايات التي نشأت مع أوتمازجين ولاندو بأنها “لا أساس لها من الصحة”، بحسب تحقيق لوكالة أسوشيتد برس نشر مؤخراً تحت عنوان "كيف أدّت روايتان مفضوحتان عن عنف جنسي مزعوم في السابع من أكتوبر إلى تأجيج نزاع عالمي بشأن الحرب بين إسرائيل وحماس".
وفيما يتعلق برواية أوتمازجين الرئيسية، استنتج المحققون بعد عمليات تحري استمرت قرابة ثلاثة أشهر أن "مسرح الجريمة تم تغييره بواسطة فرقة هندسية لتفكيك المتفجرات قامت بتحريك الجثث في ذلك المنزل للتأكد من عدم تفخيخها وهو ما يفسر انفصال جثة الفتاة عن بقية أفراد أسرتها وانخفاض سروالها".
وبناء عليه تراجع أوتمازجين ادعائه قائلا: "لم أتحدث صراحةً أبدًا أن الفتاة التي شاهدت جسدها قد تعرضت لاعتداء جنسي (لكن روايته تشير بقوة إلى أن هذا هو الحال) وإنه أخبر الصحفيين والمشرعين بتفاصيل ما رآه وسألهم عما إذا كان لديهم تفسير آخر.
أما رواية يوسي لانداو حول بقر حماس لبطن امرأة حامل فقد وصفتها الوكالة الأمريكية بالقصة الثانية المفضوحة.
وبحسب الوكالة فقد كان أوتمازجين يشرف على عمال زاكا عندما استدعاه لانداو وآخرين بشكل مستعجل من أجل الدخول إلى المنزل ومشاهدة المرأة إلا أن أوتمازجين أكد أنه لم يرَ ما وصفه لانداو، وبدلاً من ذلك، رأى جثة امرأة ثقيلة الوزن وقطعة كبيرة غير معروفة مربوطة بكابل كهربائي، وكان كل شيء متفحما.
وأكد أوتمازجين أنه أبلغ لانداو أن تفسيره كان خاطئًا، وأن تلك الجثثة لم تكن امرأة حامل، ولكن لانداو صدق قصته الكاذبة واستمر في سردها للصحفيين وتم الاستشهاد بها في وسائل الإعلام حول العالم.
وقال أوتمازجين إنه كان من الصعب كبح جماح لانداو، لأنه يؤمن بشدة بروايته ولأنه لا توجد طريقة لمنع الصحفيين من التعامل معه بشكل مباشر.
وحاول صحفيو وكالة أسوشيتد برس الوصول إلى لانداو عدة مرات، ولكن لم يتمكنوا من الوصول إليه في النهاية.
حملت التقارير التي نشرتها التلغراف و جيروزاليم بوست وحتى تحقيق الاسوشيتد برس أفادت أن الطب الشرعي الإسرائيلي عقب عملية طوفان الأقصى لم يتعامل مع شكوك تعرض القتلى لاعتداءات جنسية لأنه لم يكن لديه الوقت الكافي وكان تركيزه منصباً على تحديد هوية القتلى.
ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن الجيش الإسرائيلي أن الجيش لم يقم بأي عمل جنائي في أعقاب السابع من أكتوبر، وجاء في تحقيق الوكالة كذلك أن الجثث التي ربما ظهرت عليها علامات الاعتداء الجنسي تم تحميلهم في أكياس وإرسالها إلى منشأة للتعرف عليهم وإرسالها لدفن بدلاًمن تشريحها.
لكن تلك الادعاءات تتناقض عملياً مع تقرير نشرته وكالة رويترز في الخامس عشر من تشرين الأول /أكتوبر حينما نقلت عن ضابط قوله إن فرق الطب الشرعي العسكرية في إسرائيل فحصت جثث ضحايا هجوم حماس الأسبوع الماضي وعثرت على آثار متعددة للتعذيب والاغتصاب وفظائع أخرى.
وخلال التقرير قالت ضابطة احتياطية عرفت باسمها الأول فقط وهي أفيجايل للصحفيين: "لقد رأينا جثثًا مقطعة أوصالًا مقطوعة الأذرع والأقدام، وأشخاصًا مقطوعة الرأس، وطفلًا مقطوع الرأس" وأضافت أنه تم العثور على حالات اغتصاب متعددة من خلال فحص الطب الشرعي للجثث، التي تم تخزينها في حاويات مبردة.
وبحسب تقرير الوكالة، لم يقدم العسكريون الذين أشرفوا على عملية تحديد الهوية أي دليل جنائي على شكل صور أو سجلات طبية.
كما يتعارض ادعاءات عدم خضوع الجثث لفحوصات الطب الشرعي مع تصريح لكوخاف الكاجام ليفي، أستاذ القانون في الجامعة العبرية في القدس، أكد خلاله أنه تم "إنشاء لجنة خبراء في اليوم الثامن من الحرب بسبب ظهور المزيد والمزيد من الأدلة على الجرائم الوحشية ضد النساء والأطفال".
وفقاً للوكالة، فقد وجد فريق تقصي الحقائق التابع للأمم المتحدة "أسبابا معقولة" للاعتقاد بأن بعض أولئك الذين اقتحموا جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر ارتكبوا أعمال عنف جنسية، بما في ذلك الاغتصاب والاغتصاب الجماعي.
لكن محققي الأمم المتحدة قالوا أيضًا إنه في غياب أدلة الطب الشرعي وشهادات الناجين، سيكون من المستحيل تحديد نطاق هذا العنف، وهو ما يعني أن المحققين لم يتمكنوا من جمع شهادات موثوقة من ناجين تثبت ادعاءات الاغتصاب، كما بات من الصعب للغاية استخراج جثث من دفنوا والتحقق منها.
وخلافاً لادعاءات للاغتصاب، قال فريق الأمم المتحدة الذي يحقق في العنف الجنسي إنه رأى “معلومات ظرفية موثوقة قد تشير إلى بعض أشكال العنف الجنسي، بما في ذلك تشويه الأعضاء التناسلية أو التعذيب الجنسي أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة".
وشمل ذلك صورًا ومقاطع فيديو تظهر ما لا يقل عن 20 جثة بملابس ممزقة، وكشفت عن أجزاء خاصة من الجسم، و10 جثث عليها مؤشرات على معصمين مقيدين أو أرجل مقيدة، لكن في نفس الوقت قال التقرير إنه لم تظهر أي مواد رقمية عنفًا جنسيًا في الوقت الفعلي.
طالما وصفت حركة حماس الادعاءات التي تتهم عناصر بارتكاب عنف جنسي خلال عملية طوفان الأقصى، بأنها عبارة عن سلسلة من الأكاذيب وتهدف إلى تشويه حماس والتغطية على صورة التعامل الإنساني للحركة مع المحتجزين الإسرائيليين.
كما دعت حماس، إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية محايدة للتحقيق في كل الأحداث يوم السابع من أكتوبر، بما فيها العنف ضد النساء"، مؤكدة استعدادها "الكامل" للتعاون مع اللجنة واحترام مخرجاتها.
© جميع الحقوق محفوظة 2024 - طُور بواسطة نماء للحلول البرمجية