تحقيق يكشف تفاصيل مقتل العقيد المتقاعد محمد خيرو خ...
الاثنين 03 شباط - احتيال
ضرار خطاب الاثنين 03 شباط 2025
انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي وعبر محطات إخبارية عربية تسجيل مصور لمقتل رجل خلال اقتحام فصائل إدارة العمليات المسلحة مدينة حلب، وذكر ناشروا التسجيل أن الضحية الظاهر في الفيديو هو ضابط في مخابرات نظام الأسد، ومدير سابق لفرع فلسطين الأمني بدمشق "الفرع 235" قتل خلال محاولته الفرار، كما ورد في بعض الادعاءات أن مقاتلاً يدعى "شامل الغزي" هو من قتل الضحية خلوف.
منصة تأكد أجرت تحقيقاً موسعاً حول الحادثة، تضمن التواصل مع ذوي الضحية وبعض معارفه، ومعاينة مكان الحادثة، والتواصل مع مقاتل كان موجوداً في مكان الحادث لحظة وقوعه، وكذلك تواصلاً مع مصدر مقرب من اللواء محمد عزو خلوف الذي كان ضابطاً في مخابرات نظام الأسد ورئيساً سابقاً لفرع فلسطين الأمني.
انتشر التسجيل الذي صوّر مقتل الضابط المتقاعد محمد خيرو خلوف على نطاق واسع لم يقتصر على مواقع التواصل الاجتماعي، وإنما تجاوز ذلك لتعرضه محطات إخبارية معروفة مثل قناة العربية وقناة المشهد، وطال التضليل شخصية الضحية الذي جرى توصيفه بـ"المجرم" أو "الضابط الرفيع في نظام الأسد"، كما ادعى بعض ناشري التضليل.
وقعت الحادثة عند ظهيرة يوم الجمعة الموافق لـ 29 تشرين الثاني/نوفمبر من العام الفائت 2024 تزامناً مع دخول قوات إدارة العمليات العسكرية لمدينة حلب، ويبدو في التسجيل المصور أن المقاتل الذي يثبت الكاميرا على جسده اقترب من الضحية، فبادره الضحية بطلب المساعدة في الهرب من المكان قائلاً: "أنا عميد يا ابني بدي اهرب"، فسأله المقاتل ممن يريد الهرب؟ ليجيبه الضحية "من المسلحين" ليفتح المقاتل عليه النار مردياً إياه بسبع رصاصات قائلاً "مسلحين يا خنزير"، ويظهر الفيديو مقاتلين اثنين آخرين كانا برفقة المقاتل الذي أردى الضحية.
ومن خلال مطابقة معالم مكان تصوير الفيديو مع خرائط غوغل، تبين أن التسجيل صور في حي حلب الجديد بمنطقة جمعية الشعب مقابل مدرسة أحمد أسود الابتدائية، وحصلت تأكد بالتعاون مع متطوعة في برنامج حراس الحقيقة على تسجيل مصور وصور من مكان وقوع الحادث، وفي الأسفل تجدون مطابقة بين التسجيل وخرائط غوغل والصور التي حصلت عليها تأكد من مكان الحادث.
وعلق ابن شقيق الضحية في حديث مع تأكد على سلوك عمه في الفيديو، مرجحاً أن يكون الضحية قد اعتقد أن المسلحين المنتشرين في المكان تابعين لقوات نظام الأسد أو عناصره الأمنية، فطلب عمه المساعدة بكلمات يأمن بها جانبهم مستخدماً وصف المسلحين الذي تستخدمه قوات نظام الأسد وإعلامه في وصف مقاتلي فصائل المعارضة المسلحة.
تمكنت "تأكد" من الوصول إلى مقاتل شهد حادثة قتل الضابط المتقاعد محمد خيرو خلوف، وأكد المقاتل الذي ينتمي إلى "هيئة تحرير الشام" أن الحادثة وقعت بعد ظهر يوم الجمعة الموافق 29. تشرين الثاني/نوفمبر من العام الفائت 2024، في يوم اقتحام "إدارة العمليات العسكرية" مدينة حلب.
وقال المقاتل الذي فضل عدم الكشف عن اسمه: "خلال معارك مدينة حلب واجهنا الكثير من الضباط الذين كانوا يواجهونا او يحاولون الهرب بالزي المدني، وعندما اقترب الرجل من زميلي هو من قال له بنفسه إنه ضابط ويحاول الهروب من المسلحين، مما أوحى لزميلي بأنه بالفعل ضابط من قوات الأسد وأطلق النار عليه على هذا الأساس، لم تكن لدينا أي تعليمات محددة بخصوص التعامل مع مثل هذه الحالات، وإنما يعود الأمر في مثل هذه الحالات لتقدير المقاتل، وهو من يقرر كيف عليه التصرف في أرض المعركة ضمن مثل هذه الظروف".
وأشار المقاتل الشاهد إلى أنه زميله الذي أردى الضحية محمد خيرو خلوف تعرض لاحقاً لإصابة في رجله خلال المواجهات مع قوات نظام الأسد في حلب.
ونفى الشاهد أن يكون زميله "شامل الغزي" هو من قتل الرجل، مؤكداً أن شامل الغزي كان موجوداً وحصل على الفيديو من زميله الذي أطلق الرصاص على الضحية، ثم نشره على قناته في تيليغرام، لكنه حذفه لاحقاً بأمر من قادة عسكريين في "هيئة تحرير الشام".
وكانت بعض نسخ التسجيل التي انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي حملت اسم "شامل الغزي" وهو مقاتل ضمن صفوف هيئة تحرير الشام، كان حاضراً أيضاً خلال حادثة مقتل الضحية محمد خيرو خلوف.
العقيد في الشرطة محمد خيرو خلوف، ولد في 09.09.1958 بقرية فطيرة بريف معرة النعمان الغربي، ودامت خدمته في سلك الشرطة حتى منتصف عام 2012 وكانت دير الزور آخر عمل فيها كضابط في الشرطة، وبحسب مصادر متقاطعة بينها أقارب الضحية محمد خيرو خلوف وأشخاص مقربون منه في قرية فطيرة، فإن الضحية طلب في عام 2011 من وزير الداخلية مساعدته للحصول على التقاعد قبل بلوغه السن المحدد، وأُحيل إلى التقاعد المبكر بعد تقديمه تقريراً طبياً في عام 2012، ووفقاً للمصادر ذاتها تعرض الضحية للخطف في حي بستان الباشا في عام 2011 مع ابنه وابن أخيه، وأطلق سراحه بعد ثلاثة أيام من اختطافه وبعد دفع عائلته مبلغاً مالياً للخاطفين.
دأب الضحية محمد خيرو خلوف على التردد إلى قريته فطيرة التي كانت تحت سيطرة قوات المعارضة حتى بدايات عام 2020، حين سيطرت قوات نظام الأسد على معرة النعمان وأصبحت فطيرة منطقة اشتباكات غير مأهولة. وفي الفترة التي كان يتردد فيها الضحية إلى قريته، استدعى مرتين على الأقل للتحقيق لدى "جبهة النصرة" وهو الاسم الذي كانت تحمله "هيئة تحرير الشام" آنذاك، وبحسب المصادر فإن محمد خيرو خلوف معروف لدى عناصر الهيئة في المنطقة، كما تعرض للتوقيف مرة على أحد حواجز فصائل المعارضة بدير الزور، وأطلق سراحه بعد ساعات حيث لم تثبت مشاركته مع الأمن السوري في قمع المحتجين آنذاك.
يقول ابن شقيق الضحية محمد خيرو خلوف إن أحداً لم يتوصل مع عائلته لتسليمهم جثمانه، والعائلة لا تعرف الجهة التي عليها التواصل معها بهذا الشأن، في حين يقول المقاتل الذي شهد على الحادثة إنه لا يعرف ماهو مصير الجثمان لأنهم هو وزملاؤه تركوه في مكانه بعد أن أنهى زميلهم حياته بسبع رصاصات.
حسب مصدر مقرب من محمد عزو خلوف، فهو من أهالي منطقة عسال الورد بريف دمشق، وبدأ صعوده كضابط استخبارات رفيع لدى نظام الأسد بدعم من والد زوجته اللواء محمود الشقة، وخدم بمنطقة طرابلس في لبنان برتبة عقيد إبان الوجود العسكري السوري في لبنان حتى عام 2004 تحت إمرة اللواء جامع جامع، وفي تلك الفترة رفع إلى رتبة عميد.
ورد اسمه ضمن لائحة المتهمين باغتيال رئيس الحكومة اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005 وخضع للتحقيق أمام المحقق ديتليف ميليس،ومع انطلاقة الثورة السورية رُفع إلى رتبة لواء، وفي عام 2014 تسلم إدارة فرع فلسطين، وعندما بلغ سن التقاعد بقي على رأس عمله 6 سنوات إضافية بأمر من بشار الأسد، وأحيل إلى التقاعد في العام الفائت 2024، فيما تعذر التحقق من المهام التي كان يؤديها مخلوف بعد انسحاب الجيش من لبنان في عام 2004 حتى عام 2009، في حين رجح مصدر مقرب منه أن عمله كان في مدينة اللاذقية خلال تلك الفترة.
ورغم أن القوانين السورية تحظر على الضابط المتقاعد أو المسرح الخروج من سوريا إلا بعد انتهاء خدمته بخمس سنوات، إلا أن خلوف سافر بعد تقاعده إلى قطر حيث يقيم هناك أحد أفراد عائلته، وقد تمكن من السفر بسبب المكانة التي يتمتع بها لدى قياداته.
وأدرج محمد عزو خلوف على قائمة العقوبات البريطانية والأوروبية والكندية عن الجرائم التي شارك بها خلال رئاسته لفرع فلسطين منذ بين عامي 2009 و 2014.
© جميع الحقوق محفوظة 2025 - طُور بواسطة نماء للحلول البرمجية