هل تعهدت السعودية بتزويد سوريا بالنفط رداً على قطع...
السبت 21 كانون أول - إرباك
نشرت منصة (تأكد) يوم أمس الأحد مادة بعنوان: "هل سمحت فرنسا مؤخراً للقاصرات في سن ١٣ عاماً بممارسة الجنس بالتراضي". لم تمض سوى بضع ساعات لتخرج مدونة (شؤون إسلامية) في بث مباشر على اليوتيوب رداً على المادة المنشورة، والمُصنفة تحت بند التضليل، والمفارقة أن الرد نفسه احتوى على أوجه إضافية من التضليل، تبدأ بالكذب ولا تنتهي عند حدود نظرية المؤامرة. وفيما يلي تفنيد و توضيح ثم رد:
أحمد بريمو الاثنين 25 كانون ثاني 2021
نضع في البداية منشور مدونة شؤون إسلامية مجدداً على طاولة التشريح:
أولاً: هل لمجلس الشيوخ صلاحية إقرار القوانين؟
مجلس الشيوخ الفرنسي لا ينفرد وليس من صلاحياته إقرار القوانين بل دوره ينحصر في اقتراح مشروعات القوانين والتصويت عليها أو اقتراح تعديلات على مشروعات القوانين.
وعليه فالمنشور يوضح أن كاتبه لا معرفة عنده لطبيعة السلطة التشريعية الفرنسية وما أوحى به المنشور في هذا الجانب وفق منهجية منصة (تأكد) يُصنف على أنه: خطأ
ثانياً: هل أُقرّ حديثاً أي قانون في هذا الصدد؟
المنشور وفعل المضارع المستخدم فيه يدل على صدور قانون في فرنسا بهذا الصدد حديثاً، وهو ما لم يحدث البتة، وكل ما يجري الحديث بشأنه هو "مشروع قانون" اعتُمد في مجلس الشيوخ ويحتاج إلى إقراره إلى موافقة الجمعية الوطنية، وهو عمليا البرلمان المنتخب مباشرة من الشعب الفرنسي.
وهذا هو الخطأ الثاني في منشور مدونة شؤون إسلامية، وتكرر أيضا في البث المباشر، وهذا وفق منهجية منصة تأكد يُصنف على أنه: كذب
ثالثا: سر الخلط بين القانون القديم ومشروع القانون الجديد!
نعم في فرنسا قانون قديم يُعطي للقاصر في سن ١٣ عاما وما دونه الحق في ممارسة الجنس بالتراضي، وهذا الأمر أثار جدلاً في فرنسا وهو ما دفع إلى صياغة مشروع قانون في مجلس الشيوخ يحرم القاصر (ذكراً أم أنثى) من هذا الحق أكان العمر في سن ١٣ عاما أو دونه، أي يمنع القاصر من ممارسة الجنس بالتراضي، ويجرّم البالغ الذي يمارس مع القاصر الجنس إن كان بموافقته أو لا، دون فرق.
أي باختصار أن مشروع القانون الذي استنكره منشور مدونة شؤون إسلامية مضمونه الحقيقي يستنكر عين ما استنكره المنشور ورفضه، أما استنكار وجود مبدأ التراضي وهذا مفهوم ومبرر بالمطلق فهو ليس المقصود من المنشور، وهو أيضا ليس موضوع التحقق السابق، ولا التوضيح الحالي.
الفهم الخاطئ والجهل الواضح، سهواً أم عمداً، أدى إلى إسدال ثوب قانون قديم يسمح بالتراضي على مشروع قانون جديد وُضع لمنع التراضي، وهدف هذا الخلط كي يكون مناسباً ربطه بتصريحات الوزير الفرنسية الواردة في المنشور ذاته، هذا الخلط وفق منهجية منصة (تأكد) يُصنف على أنه: تلاعب بالحقائق
رابعا: لماذا التلاعب بالحقائق؟
كما وضحنا سابقاً، فإن الهدف من لوي عنق مشروع القانون الجديد الذي جاء ليضع حدا لقانون قديم، والخلط بينهما، الهدف منه جعله مناسبا لربطه بتصريحات الوزير الفرنسية بخصوص الحجاب. تكرر هذا التوجه في البث المباشر، ويمكن الاكتفاء بأمرين اثنين وردا في البث المباشر:
الأول: اتهام منصة (تأكد) أنها تدافع عن فرنسا!
لكن إحصائياً وببساطة فالمتابع لمنصة (تأكد) يدرك أنه اتهام مرسل لا قيمة له، وعدد المواد المنشورة عن فرنسا لا تتجاوز نسبتها ١,٨ في المئة.
الثاني: الإشارة بانتقائية مفضوحة إلى مادة بعينها عن الفاتيكان ورغم أن الانتقائية بحد ذاتها مطلوبة في هذا السياق، إلا أن حتى هذا الاستحضار لم يستند إلى أي دليل لدحض ما نشرته المنصة سابقا.
أي أن كاتب المنشور في مدونة شؤون إسلامية، وصاحب الصوت في البث المباشر، كلاهما وربما هما الشخص ذاته، لا يملك الحد الأدنى من المعلومات المتعلقة بقانون التراضي، ولا يفهم خلفيات القضية ولا أبعادها القانونية، ولا يعرف كما هو واضح شيئا عن منصة (تأكد) حين قال إنها موقع إخباري، الهدف كله وبناء على ما سبق يبدو أنه :
إثبات أن منصة (تأكد) جزء من المؤامرة على الإسلام والمسلمين.
وهذا اتهام مهما رُكب معه من كلام، ومهما قيل، ولو كان خلطا وعجنا وجعجعة، فهو كلام بيّاع في سوق مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا ما قد يوقع صاحبه في فخ الاحتيال، وأحيانا الدجل.
وهذا وفق منهجية منصة (تأكد) يُصنف على أنه: نظرية مؤامرة
خامساً: (تأكد) لم تكن في يوم من الأيام موقعاً إخبارياً!
ورد في البث المباشر أن منصة (تأكد) كانت موقعا إخباريا يغطي أخبار الثورة السورية وهي منذ اليوم الأول لها في عام ٢٠١٦ وُجدت كمنصة للتحقق من المعلومات، كافة المعلومات، دون انتقائية أو غايات، ونعمل باستقلالية تامة، ونظرة فاحصة واحدة، لكن رصينة، تجد أن المنصة تراقب الجميع دون انتقائية، وهو ربما ما حرمها من "التمويل" الذي جعل فريقها جميعهم يعمل في معظم الأوقات متطوعاً، مؤمنا مخلصا، أن الحقيقة تستحق، وأن الكذب والتدليس والتضليل يأنفه الإنسان الصحيح سليم العقل والفطرة.
وللمفارقة، المنصة لم تجر في أي يوم من الأيام أي نشاط مع أي جهة فرنسية، والمادة السابقة التي استدعت رد مدونة (شؤون إسلامية) بما فيها من اتهامات العمالة المأجورة، فالمادة كتبها متدربون متطوعون لا يتلقون أجراً.
رد منصة (تأكد) على مدونة شؤون إسلامية:
يستند عملنا في منصة (تأكد) إلى منهجية واضحة تحدد آلية عملنا. وليس من شأننا إطلاق الأحكام بناء على تخمينات، أو قراءة النوايا، لدينا آلية عمل نشارك جمهورنا تفاصيلها، وحين نخطىء فإننا لا نتردد في اللجوء إلى سياسة التصحيح المعتمدة والتصرف وفقها، تصحيحا واعتذاراً.
وننصحكم: الاعتراف بالخطأ فضيلة، وتفنيدنا معلومة ما في سياق قضية ما لا يعني الطعن في القضية، وفي كل الأحوال نرى في تأكد أن القضايا النبيلة لا يجب أن يحمل الدفاع عنها أي شوائب أو تضليل، وهذا مثلا مبرر تفنيدنا لأخبار غير صحيحة تتعلق بالثورة السورية.
كان من الممكن أن يتم الرد على هذه التصريحات الفرنسية المتعلقة بالحجاب مع قليل من الانتباه والجهد والعمل، أي أن يتم الرد بشكل علمي وقانوني وحقوقي وانساني، وإسلامي قبل كل شيء، لأن الدين الحنيف واضح موقفه من مسائل الكذب والافتراء والتدليس، سوى أن هذه الطرق عادة ما تكون شاقة وطويلة ولها أصحابها من أهل العلم والعقل والاختصاص.
الاستسهال ليس حلاٌ، وأيضا التحصن عند كل خطأ أو مُعارضة في خنادق الطعن والتخوين والتلاعب بمشاعر الناس واللعب على وتر الدين، وتوزيع شهادات الإيمان والكفر، والإخلاص والنفاق، كل هذا لا يخدم قضية بل هو التوجه الأمثل في بعض أسواق مواقع التواصل الاجتماعي.
وأخيراً
ندعوكم لاحقاً إلى التثبت والتبيّن من أخباركم
لأن الخبر أمانة
ولا إيمان لمن لا أمانة له
مراجع التحقق:
موقع القضاء الفرنسي | القانون الفرنسي المعمول عليه حتى الساعة: الفقرات (227-25 و 227-26 و227-27)
تقرير عن تبرئة شخص اعتدى جنسيا على فتاة قاصر عمرها 11 عاماً بعد أن أثبت أنه مارس الجنس معها بالتراضي في العام 2018 - موقع (francebleu) الفرنسي:
تقرير لموقع (franceinter) عن مشروع القانون الجديد الذي اعتمده مجلس الشيوخ الفرنسي استعرض خلاله الفوارق بين القانون الساري والقانون الجديد الذي لم يدخل حيز التنفيذ، أسباب وموجبات التعديل.
© جميع الحقوق محفوظة 2024 - طُور بواسطة نماء للحلول البرمجية