هذه الصورة لا تظهر مشاركة سجانة من معتقل صيدنايا ب...
الأحد 22 كانون أول - احتيال
أحمد بريمو الاثنين 15 شباط 2021
انتشرت الأخبار الزائفة ونظريات المؤامرة أثناء تفشي جائحة كورونا، ولا يقتصر الأمر على الأخبار والمعلومات المتعلقة بالجائحة التي شغلت العالم بأكمله فحسب، وإنما تصبح مناطق النزاعات والحروب بيئة خصبة لتفشي الأخبار الزائفة ونظريات المؤامرة التي يغذيها المتحيزون لطرف ضد طرف آخر، البعض قد يقع في شراكها بالخطأ، لكن قد يذهب آخرون إلى تصديقها بإرادتهم.
نستعرض في هذا التقرير الذي نشرته إذاعة صوت ألمانيا - DW على موقعها يوم الجمعة 12 شباط/فبراير آراء متخصصين وباحثين في شؤون الصراعات، ونضّمن فيه بعض الروابط لأخبار زائفة ونظريات مؤامرة رصدتها منصة (تأكد) خلال الشهور السابقة.
ما الذي يجعل المتابعين يصدقون الأخبار الزائفة وهل يمكن معرفة المصادر الموثوقة من تلك المشكوك فيها؟
في عام 2019 وقعت (جاكلين فـ) في شراك الأخبار الزائفة بسبب رسالة كاذبة على موقع إنستغرام. يفيد محتوى الرسالة بأن ضباط الشرطة أساءوا معاملة المتظاهرين وشنقوهم في محطات المترو في تشيلي، بحسب لقطة نُشرت على موقع إنستغرام. في ذلك الوقت، احتج التشيليون على زيادة أسعار تذاكر المترو؛ "لقد صُدمت تماماً وفكرت، ماذا يفعل رجال الشرطة؟ "، تقول (جاكلين فـ) وهي تسترجع ذكريات ما حدث ذلك العام.
جاكلين وقعت ضحية للأخبار الكاذبة بالخطأ وعن طريق الصدفة، لكن في المقابل قد يذهب آخرون إلى تصديق المعلومات الخاطئة و نظريات المؤامرة بإرادتهم.
يوضح الباحث في شؤون الصراعات أندرياس زيك:" الأمر يعتمد على الموقف المسبق لدي" ويوضح:"فأنا أؤمن بأساطير المؤامرة عندما يكون لدي مواقف أو مفاهيم معينة عن العدو مسبقاً. يمكن أن يكون هؤلاء الأعداء، على سبيل المثال، هم الشرطة أو الحكومة أو حتى النشطاء في مكافحة تغير المناخ". ويضيف زيك إن هناك عدداً لا يحصى من العروض عبر الإنترنت التي تعزز رأيك الخاص. "عندها أستهلك فقط تلك القنوات التي تتوافق تماماً مع رأيي. وهذا أكثر من مجرد فقاعة، إنه نوع من الكون الموازي الذي يلبي جميع الاحتياجات الممكنة".
ويمكن أن نرى كلام الباحث يتمثل جلياً في الحالة السورية التي تشهد منذ نحو عشر سنوات انقساماً حاداً من قبل معظم السوريين الذين اتخذوا مواقف وانحيازات مختلفة قسمتهم إلى جماعات يعادي بعضها الآخر، يصدق جُل ما ينشر حول انتهاكات أو جرائم يرتكبها، ويرفض أو يبرر في بعض الأحيان انتهاكات مماثلة يقوم بها الطرف الذي ينحاز هو له، في حين تعمل الماكينة الإعلامية التابعة لكل طرف من الأطراف المتصارعة على تلفيق قصص وأخبار تهدف لتشويه صورة خصمه.
ونضع مثالا على ذلك هذا الفيديو الذي انتشر منتصف عام 2019 على أنه يظهر اعتداء عناصر من ميليشيا (قسد) التي تعتبر الجناح العسكري لحزب (الاتحاد الديمقراطي/PYD) على رجل وزوجته وطفلهما قرب حقل العمر النفطي بدير الزور، إلا إن منصة (تأكد) استطاعت دحض ذلك الادعاء من خلال تحديد مكان تصوير الفيديو باستخدام تقنية تحديد الموقع.
من جانبه، يرى المحاضر في علم النفس أندرياس كابس من جامعة سيتي لندن أن الخوف يلعب دوراً رئيسياً في هذا الموضوع. ويشرح قائلاً: "قد يكون أحدهم خائفاً من الإبر ولا يريد أن يتم تطعيمه بسبب ذلك". بعد ذلك يبحث الشخص عن المعلومات التي تفيد بأن التطعيمات خطيرة ولا يجب أن يتم تطعيم المرء بها، "لذلك ليس من المهم أن تسأل نفسك، لماذا لا يؤمن الناس بالعلم ، بل بالأحرى لماذا لا يريدون الإيمان بالعلم؟". ووفقاً لكابس، ليس هناك فرق بين المتعلمين وغير المتعلمين.
ويمكن هنا إرفاق بعض المواد التي رصدتها منصة (تأكد) من أخبار زائفة ومعلومات مضللة روج لها أشخاص متعلمين بهدف تعزيز نظرية المؤامرة ضد اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، كتلك التي بثها إعلامي تونسي شهير عبر صفحته الشخصية بموقع فيسبوك عبر تقنية البث المباشر، وتلك التي نشرها كاتب وباحث سوري ادعى خلالها أن لقاحات كورونا تغير البصمة الوراثية وتصيب من يتلقاها بالعقم.
هل يمكن التمييز بين المصادر الموثوقة والمشكوك فيها؟
غير أن القدرة على التمييز بين المصادر الموثوقة والمصادر السيئة والمشكوك فيها تلعب دوراً مهماً هنا، كما توضح عالمة الأعصاب فرانكا باريانين والتي تشرح قائلة: "يميل منظرو نظريات المؤامرة إلى التمييز بشكل ضعيف للغاية بين مصادرهم، أي متى يتعلق الأمر بمصادر خبراء ومتى يكون عبارة عن مقطع فيديو ما على موقع يوتيوب. ببساطة لا يتم تلقين هذا الأمر للأطفال بشكل كافٍ في المدرسة".
إضافة إلى ذلك، غالباً ما يكون الأشخاص الذين هم أكثر عرضة لتصديق الأخبار الكاذبة، هم أولئك الأشخاص الذين عانوا من فقدان كبير للسيطرة على حياتهم، كما تقول باريانين. الأخبار الكاذبة من شأنها أن تعيد للناس هذه السيطرة وتشرح عالمة الأعصاب: "يصبح العالم فجأة مفهوماً للغاية". وتضيف: "وعند ما يشعر المؤمنون بنظرية المؤامرة بعدم الأمان، فإنهم يحاولون إقناع الآخرين أكثر. لأنه إذا كان شخص آخر يؤمن بنفس الشيء، فأنا أشعر بالتأكد مما أؤمن به مرة أخرى".
فيديو من إعداد منصة تأكد حول خطر الشائعات والمعلومات المضللة على الأطفال
أخبار زائفة حول اللقاح على مواقع التواصل الاجتماعي
الملل يشكل أيضا عاملاً إضافياً أثناء فترة تفشي الوباء، فـ"الملل يساعد الناس على الوقوع في شرك نظرية المؤامرة" ، توضح باريانين. فجأة لديك الكثير من الوقت للنظر في عدد من الصفحات والمجموعات. ولديك مجتمع ولم تعد بمفردك في المنزل، وهذه هي الطريقة التي تتعرف بها بمجموعة ما من هذه المجموعات.
ويمكن أخذ الموضوع التالي مثالاً جيداً على كلام عالمة الأعصاب فرانكا باريانين، حين انتشر عبر تطبيق المراسلة (وتس آب) إعلاناً ترويجياً لمتجر (BİM) التركي، يدعي أن المتجر طرح لقاح فيروس كورونا للبيع في متاجره، إلا أن الادعاء غير صحيح، والإعلان الذي نفذ بطريقة تحاكي الإعلانات الترويجية التي تنشرها سلسلة المتاجر التركية الشهيرة، أعد من قبل شخص أو مجموعة بغرض التسلية.
الخوارزمية كمحفز للأخبار المزيفة
يقول جينس كويد مادسن، كبير مساعدي الأبحاث بجامعة أكسفورد، إن "الأخبار الكاذبة" ليست نتاجاً لنفسية المستخدم فحسب، بل هي أيضاً نتاج شبكات التواصل الاجتماعي. إن الجمع بين رأي الفرد والخوارزمية أمر خطير. تقول دراسة أمريكية، على سبيل المثال بأن الأخبار الزائفة تنتشر على تويتر أسرع بكثير من الأخبار الحقيقية. ويوضح مادسن: "غالباً ما تحتوي الأخبار الكاذبة على لغة عاطفية، وغالباً ما تحتوي أيضاً على لغة مثيرة للغاية". في بعض الأحيان تكون المعلومات المضللة سخيفة و "مضحكة" لدرجة أنه قد يشاركها أشخاص هم أنفسهم لا يصدقونها ولا يؤمنون الإيمان الكامل بها.
يوضح أندرياس كابيس أن الأشخاص الذين يؤمنون بنظريات المؤامرة لا يزالون مقتنعين بالحجج المنطقية. عليك فقط أن تخاطب هؤلاء الأشخاص بالطريقة الصحيحة. يقول الطبيب النفسي: "إذا كنت تناقضهم، فلن يستمعوا إليك". عليك أن تجد أرضية مشتركة، شيئاً يمكنك الاتفاق عليه - ثم ناقش الحقائق واستخدمها. لأن: الأشخاص الذين يؤمنون بالأخبار الزائفة عليهم أن يجدوا شيئًا يعيقهم.
من جهتها توضح عالمة الأعصاب، فرانكا باريانين،: "من المفيد البحث عن مجالات في الحياة يمكن للمرء اختبار مصداقيتها، والانخراط في المنظمات الديمقراطية"، كما "أن العلاقات الموثوقة في المحيط تساعد دائماً، وكذا القدرة على معرفة وتمييز المصادر الموثوقة من تلك التي ليست كذلك".
يساعد هذا بشكل خاص الأشخاص مثل جاكلين فـ. الذين يقعون عن طريق الخطأ في شرك الأخبار الزائفة. عندما أدركت جاكلين فـ. أن الأخبار المزعومة عن ضباط الشرطة الذين أساءوا معاملة الناس وشنقهم في تشيلي كانت كاذبة، شعرت بالخجل بعض الشيء. ولهذا السبب صارت تبحث بعناية أكبر منذ ذلك الحين: "إذا كنت لا أعرف ما إذا كان هناك شيء ما على صواب أو خطأ، فأنا أحاول العثورعلى مزيد من المعلومات حوله. أحاول الاعتماد على مصادر موثوقة وليس على مواقع إنترنت مشبوهة".
© جميع الحقوق محفوظة 2024 - طُور بواسطة نماء للحلول البرمجية