تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، بتاريخ 2 أيار/مايو 2025، ادعاءً يزعم مقتل مسلح سوري يُتهم من قبل سوريين بالمشاركة في جرائم القتل التي وقعت في الساحل السوري مطلع آذار/مارس الماضي، وذلك خلال اشتباكات مع فصائل محلية في محافظة السويداء.
وأرفق مروّجو الادعاء صورتين؛ تُظهر الأولى جثة مسلح مضرجًا بدمائه ومستلقيًا على ظهره إلى جانب سور حجري، فيما تُظهر الثانية لقطة من تسجيل مصوّر كان قد انتشر تزامنًا مع الأحداث الدامية التي شهدتها عدة مدن وقرى في الساحل السوري، وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى من المدنيين وعناصر من قوات الأمن والجيش.
ويُظهر المقطع رجلًا مسلحًا يرتدي زيًا عسكريًا ويتحدث بلهجة تهديدية، بينما تظهر خلفه سيارات وعناصر مسلحة في منطقة سكنية. وخلال التسجيل، يقول: "كان في قديم الزمان مدينة تُدعى جبلة... صارت صحراء".
ولقي الادعاء انتشارًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن ساهمت عدة حسابات في تداوله مرفقًا بالصورة التي يُزعم أنها تُظهر جثة الشخص نفسه. يمكن الاطلاع على عينة من هذه الحسابات في قسم "مصادر الادعاء".
المحتوى الذي يتضمن مزيجاً من الحقائق والأكاذيب.
أجرى فريق منصة "تأكد" بحثًا للتحقّق من صحة الادعاء المرفق بصورة، والذي يزعم توثيق "مقتل أحد المسلّحين المشاركين في مجزرة الساحل" خلال اشتباكات مع فصائل محلية في السويداء، ليتبيّن أن الادعاء مضلّل.
إذ أظهرت نتائج البحث العكسي، باستخدام أداة InVid، أن الصورة تعود في الواقع إلى أحد المسلحين الذي زعم إعلام النظام المخلوع أنه يتبع تنظيم "داعش"، وقد نُشرت لأول مرة بتاريخ 25 تموز/يوليو 2018، ضمن تغطية لوكالة الأنباء السورية (سانا) للهجوم الذي شنه مسلحو التنظيم على محافظة السويداء آنذاك.
وبحسب التقرير المنشور حينها، فإن المسلح الظاهر في الصورة قُتل خلال محاولته التسلل مع مجموعة من عناصر التنظيم إلى قرية دوما، الواقعة في ريف السويداء الشمالي الشرقي، في إطار سلسلة هجمات دموية تبنّاها التنظيم وأسفرت عن سقوط عشرات الضحايا من المدنيين.
في المقابل، لم تتمكن منصة "تأكد" من التحقّق من هوية الشخص الذي ظهر في التسجيل المصوّر المشار إليه، ولا من صحة الادعاءات التي تفيد بمقتله خلال الاشتباكات الأخيرة.
في صباح يوم 25 تموز/يوليو 2018، تعرّضت محافظة السويداء لهجوم واسع ومنسّق نفذه تنظيم "داعش"، بدأ بسلسلة تفجيرات انتحارية طالت سوق الخضار وأحياء سكنية داخل المدينة، وأسفرت عن مقتل 24 مدنيًا على الأقل وإصابة أكثر من خمسين آخرين. في الوقت نفسه، اقتحم مسلحو التنظيم ثماني قرى في الريف الشرقي والشمالي الشرقي، أبرزها الشبكي ودوما وطربا، حيث نفذوا عمليات إعدام ميدانية باستخدام الرصاص والسكاكين.
ووفقًا لتقرير "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، أسفرت الهجمات على القرى عن مقتل 130 مدنيًا، بينهم 15 طفلًا و17 امرأة، بالإضافة إلى اختطاف 29 مدنيًا من قرية الشبكي وحدها، معظمهم من النساء والأطفال. وقد سبق الهجوم سحب أسلحة من السكان وانقطاع مفاجئ للكهرباء والاتصالات، وهو ما عزّز فرضيات وجود تنسيق غير مباشر بين النظام السوري وتنظيم "داعش"، خاصة بعد نقل مقاتلي التنظيم إلى بادية السويداء بضمانات من النظام قبل أسابيع من المجزرة.