تداولت صفحات على موقعي فيسبوك وإكس ادعاءً يُزعم فيه أن "حكمت الهجري"، الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز في سوريا، تلقى مبلغاً مالياً قدره 1.3 مليون دولار أمريكي من "يسار إبراهيم"، رجل الأعمال المقرّب من النظام المخلوع ومدير المكتب المالي والاقتصادي فيه، عبر حوالة مالية من بنك روسي، وأضاف الادعاء أن هذا المبلغ يمثل "ثمن ولاء" الهجري للنظام المخلوع.
وأُرفق الادعاء بصورة لوثيقة تحويل بنكي، يُظهر تحويل المبلغ المذكور من حساب باسم "يسار إبراهيم" في بنك "Promsvyazbank" الروسي، إلى حساب باسم "حكمت الهجري" في بنك بيروت اللبناني، بتاريخ 16 نيسان/ أبريل 2025.
وحاز الادعاء انتشارًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، تجدون عينة من الحسابات التي ساهمت في نشره ضمن قائمة "مصادر الادعاء".
المحتوى الذي يتعارض بالكامل مع حقائق مثبتة وجرى تأليفه بالكامل ولا أساس له من الصحة.
أجرى فريق منصة (تأكد) بحثًا للتحقق من صحة الادعاء المتداول والذي زعم أن حكمت الهجري تلقى مبلغ 1.3 مليون دولار من يسار إبراهيم عبر حوالة بنكية، وذلك بالتحقق من صحة الوثيقة المرفقة، فتبين أن الوثيقة مفبركة.
عند مراجعة الوثيقة المتداولة، والتي يُزعم أنها صادرة عن بنك "Promsvyazbank" الروسي، ومقارنتها مع نماذج أصلية لتحويلات مالية صادرة عن بنوك روسية مثل "Sovcombank" و"Promsvyazbank" تبين أن النماذج الأصلية تتضمن عناصر توثيق أساسية، مثل الشعار الرسمي، وختم مصرفي واضح، وتوقيع موظف معتمد، إلى جانب رموز مصرفية ثابتة تُستخدم لتحديد هوية البنك والمعاملة. من بين هذه الرموز: BIK) БИК) وهو رمز تعريف البنك داخل روسيا، وINN) ИНН) أي رقم التعريف الضريبي للمؤسسة أو الشخص، إضافة إلى K/S) К/С)، وهو الحساب المقابل المستخدم لتسوية المعاملات بين البنوك.
والوثيقة موضع الادعاء لا تتضمن أي ختم رسمي معتمد، كما تخلو من رقم العملية، وهي عناصر إلزامية في إيصالات التحويل البنكي، خاصة تلك التي توثق معاملات مالية كبيرة. كذلك، لا يظهر في الوثيقة رمز BIK الخاص بتحديد البنوك في روسيا، أو رقم تسجيل ضريبي (ИНН). و الشعار المطبوع في أعلى الوثيقة لا يتطابق بدقة مع الشعار المعتمد للبنك.
بالإضافة إلى ذلك، يُظهر حقل SWIFT كودًا ناقصًا ("PRMSRU")، في حين يجب أن يحتوي رموزًا مكتملة من 8 أو 11 خانة وفق نظام SWIFT المعتمد عالميًا، ويرتبط برقم الحساب الكامل والمطابق لتنسيق IBAN أو التنسيق الروسي المحلي، مع ذكر اسم البنك بالكامل وعنوانه القانوني.
وتُظهر الوثيقة المتداولة مزيجًا غير منسجم من اللغة الروسية والإنكليزية، وهو أمر غير معتاد في الوثائق البنكية الروسية، التي تُصدر عادة بلغة موحّدة وباستخدام مصطلحات مصرفية دقيقة. هذا التداخل اللغوي يعكس ضعفًا في البناء الفني للوثيقة، ويشير إلى أنها لا تتبع نمطًا مصرفيًا معتمدًا.
يُضاف إلى ذلك عامل سياسي واقتصادي، وهو عزل عدد من البنوك الروسية عن نظام "سويفت" العالمي (SWIFT)، وذلك في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا مطلع عام 2022. فقد فرض الاتحاد الأوروبي، إلى جانب الولايات المتحدة وشركاء آخرين، حزمة عقوبات مالية صارمة على روسيا، شملت إخراج مؤسسات مصرفية كبرى، ومن بينها "Promsvyazbank" ، من شبكة "سويفت"، وهي المنصة الرئيسة للتحويلات المالية الدولية.
وبناءً على ذلك، فإن تنفيذ بنك"Promsvyazbank" تحويلًا ماليًا مباشرًا إلى حساب مصرفي في لبنان عبر نظام SWIFT، يُعد أمرًا غير واقعي من الناحية العملية في ظل سريان العقوبات.
حملة التضليل التي رافقت أحداث السويداء
في خضم الأحداث المتسارعة التي شهدتها محافظة السويداء مؤخراً، برزت موجة من المعلومات المضللة والتحريضية التي اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة. تنوّعت هذه المعلومات بين ادعاءات كاذبة حول مواقف الشيخ حكمت الهجري، المرجع الروحي لطائفة الموحدين الدروز، وبين مقاطع فيديو مجتزأة وتصريحات مفبركة نُسبت إلى الطائفة زوراً، هذه الحملات الإعلامية المضللة ساهمت في تأجيج التوترات داخل المحافظة، وزادت من حالة الاستقطاب والانقسام بين أبنائها.
تزامنت هذه الحملات مع توقيع اتفاق بين وجهاء ومشايخ السويداء والحكومة السورية، يهدف إلى إعادة الاستقرار وتفعيل دور المؤسسات الأمنية في المحافظة. إلا أن بعض الجهات استغلت هذا الحدث لنشر مزاعم حول منح السويداء حكمًا ذاتيًا أو انفصالها عن الدولة السورية، وهو ما نفاه شيوخ عقل طائفة الموحدين الدروز مؤكدين التزامهم بوحدة سوريا وسيادتها.