ترافقت الأحداث والتوترات الأمنية في محافظة السويداء جنوب سوريا والتي اندلعت منتصف تموز/ يوليو 2025، بطوفان من المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة من جميع أطراف النزاع. وتنوعت أساليب التضليل المتبعة ما بين مقاطع فيديو قديمة وأخرى معدلة باستخدام الذكاء الاصطناعي، صور ذات سياق مختلف وقوالب مفبركة تحوي أخباراً كاذبة عن مؤسسات إعلامية معروفة.
عملت منصة (تأكد) خلال الفترة الماضية على دحض كم كبير من المعلومات المضللة المرافقة لأحدث السويداء، كما بذل فريق المنصة جهداً مضاعفاً للتأكد من بعض الادعاءات التي توثّق جرائم وانتهاكات ارتُكبت بحق مدنيين سوريين، نتيجة الاشتباكات في المحافظة.
فيديوهات قديمة وأخرى مضللة باستخدام الذكاء الاصطناعي
تحققت منصة (تأكد) من العديد من مقاطع الفيديو والادعاءات المضللة المرافقة لها والمتعلقة بالأحداث في السويداء. وحرصت المنصة على تغطية كافة الادعاءات من جميع الأطراف دون تحيز أو استثناء.
إذ تحققت المنصة من المقاطع التي نشرتها الأطراف المعادية للدولة السورية وقوات العشائر، كالمقطع الذي نشره وئام وهاب وزعم أنه يُظهر "قصف الدولة السورية لمحافظة السويداء"، والفيديو الذي زُعم أنه أنه يُظهر "مقاتلاً يهدد دروز السويداء بالذبح"، بالإضافة إلى المقطع الذي ادُعي أنه يوثق "عملية ذبح نفذها مقاتلون محسوبون على السلطة السورية"، واتضح أنها جميعاً تعود لسياقات وتواريخ مختلفة لا علاقة لها بالأحداث في السويداء.
بالمقابل عملت المنصة على تفنيد الادعاءات المرافقة لمقاطع الفيديو التي نشرها مناصرو الدولة السورية والعشائر أيضاً. مثل المقطع الذي يُظهر كلمة مصوّرة لحكمت الهجري يقر فيها باتخاذه قرارات غير صائبة، واتضح أنه معدل باستخدام الذكاء الاصطناعي. ومقطع الفيديو الذي ادُعي أنه يُظهر مواطنين دروز يحيّون رتلاً إسرائيلياً خلال توغله في قلعة جند بريف السويداء، والفيديو المتداول في تطبيقات الدردشة حول هجوم دروز السويداء ضد بدو المدينة، واتضح أن جميعها فيديوهات مضللة تعود لسياقات وتواريخ مختلفة لاعلاقة لها بالأحداث في السويداء أيضاً.
رصدت منصة (تأكد)، خلال الأحداث الأخيرة في السويداء، ادعاءات وأخبار كاذبة انتشرت ضمن قوالب تصميم تحوي شعارات وسائل إعلامية كتلفزيون سوريا وقناة الجزيرة الإخبارية.
وكان من بين الادعاءات التي جرى تداولها خبر "إصابة ماهر شرف الدين ونقله إلى مشفى داخل إسرائيل" الذي نُسب إلى تلفزيون سوريا واتضح أنه خبر كاذب ولم ينقل التلفزيون أي أنباء مشابهة.
وخبر آخر منسوب لقناة الجزيرة ويزعم أن الرئيس أحمد الشرع أبلغ الولايات المتحدة بموافقته على قصف قوات العشائر المستمرة بمهاجمة السويداء، وبعد التحقق اتضح أنه ادعاء ملفق ولم تنشره القناة ما نسب إليها.
ورد إلى فريق منصة (تأكد) مئات الرسائل التي تطالب بالتحقق من مشاهد توثق الانتهاكات التي ارتُكبت بحق المدنيين في السويداء من البدو والدروز، وتمكنت المنصة من التحقق من بعض المعلومات ومشاركتها مع الفضاء العام.
وكان من بينها تحقق فريق منصة (تأكد) من صورة توثق انتهاكات ارتكبتها الجماعات الخارجة عن القانون في السويداء، بحق أحد الأسرى بقرية الجنينة في الريف الشرقي لمحافظة السويداء.
كما نشرت (تأكد) بعد عملية تحقق دقيقة شملت استخدام أدوات المطابقة التقنية وجمع شهادات من مصادر محلية موثوقة، معلومات حول مقطع الفيديو الذي يوثق عملية إعدام ثلاثة شبان في منطقة الشرطة العسكرية بمحافظة السويداء.
وأكدت المنصة أن المرأة الدرزية المسنّة التي ظهرت في فيديو مع "قوات العشائر"؛ بخير ولم تُقتل كما زُعم، بل أثنت على معاملة قوات العشائر لها. وفي سياق الادعاء نفسه حصلت (تأكد) على صور توثّق مقتل السيدة سهام مغربي، التي قضت، بحسب مصادر مقرّبة، مع ابنها خلال الأحداث الدامية التي شهدتها محافظة السويداء.
دعا وزير الإعلام حمزة المصطفى، إلى توخّي الحذر في ظل تصاعد موجة الأخبار المضللة التي تستهدف السوريين. وأكد المصطفى عبر حسابه على منصة إكس، الاثنين 21 تموز/ يوليو الجاري، على أهمية الاعتماد على المصادر الرسمية في التحقق والحصول على المعلومات، مشدداً على ضرورة التمييز بين الحقيقة والشائعات الجاري ترويجها.
ولفت المصطفى إلى أن الحكومة السورية لا تستطيع مواجهة حملات التضليل بشكل فعال على مواقع التواصل بسبب العقوبات الأمريكية المستمرة. مضيفاً أن "هذه العقوبات تُعرقل التواصل المباشر مع تلك المنصات، خصوصاً في ما يتعلق بمكافحة حملات التضليل والشائعات، وقد كشفت الإحصائيات الأولية عن وجود نحو 300 ألف حساب فاعل ينشر محتوى مضللاً، ويتوزع على أربع دول رئيسة فيما يتخذ المحتوى المضلل أشكالاً متعددة، ويظهر أحياناً مؤيداً للدولة بينما يروّج لخطابات تقسيمية".
وفي هذا السياق، تواصل وزارة الإعلام بحسب الوزير جهودها المضاعفة لوقف توليد الحسابات الجديدة، التي وصلت مؤخراً إلى نحو 10 آلاف حساب يومياً.