تحقيق: قصي جمول وعبد العزيز خليفة
تداول مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يُظهر مسلحين داخل سيارة تقل امرأتين وطفلين، بينما يُسمع أحد المسلحين، وهو يصوّر المشهد بهاتفه المحمول، يزعم أن العائلة من الطائفة الدرزية، ويُبدي تعاطفًا مع أفرادها، مدّعيًا أنهم أُصيبوا نتيجة قصف، ومحمّلًا حكمت الهجري مسؤولية ما جرى لهم.
وتظهر إحدى السيدتين في حالة انهيار ويداها مغطاة بالدم، وتقول إن زوجها وابنها قُتلا، دون أن تُحدّد الجهة المسؤولة عن ذلك. نُشر المقطع على حساب المقاتل ذاته يوم 5 آب/ أغسطس الجاري، علماً أنه جرى تداوله قبل ذلك منذ شهر تموز/ يوليو 2025.
تزامن انتشار الفيديو مع تداول روايات تُشير إلى أن العائلة، تعرّضت للاختطاف من المسلحين الظاهرين في المقطع، وأُرفق المقطع بصيغ ادعاء مختلفة باللغتين العربية والإنكليزية وبشكل خاص على موقع إكس.
وفي ذات السياق، انتشرت منشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي زعمت أن مصير العائلة مازال مجهولاً.
المحتوى الذي يتضمن مزيجاً من الحقائق والأكاذيب.
أجرى فريق منصة (تأكد) مراجعة لصفحة فيسبوك الخاصة بالمقاتل الذي صوّر الفيديو ويدعى "قصي العمودي الشمري"، فتبيّن أنه نشر المقطع مرفقًا بموسيقى تصويرية في 22 تموز/ يوليو الماضي. ويبدو أن الفيديو كان قد انتشر في مواقع التواصل قبل ذلك، كما أكد في تصريح لمنصة (تأكد) وفي ظهر على صفحات أخرى.
وكان المقاتل ذاته قد نشر، في 17 تموز/ يوليو الماضي، مقطع فيديو أعلن فيه توجهه إلى السويداء للمشاركة في قتال الفصائل الدرزية، دعمًا لمجموعات عشائر البدو.
ذكر مصدران متطابقان من عائلة الأسرة الظاهرة في مقطع الفيديو، أن الأسرة من قرية رضيمة اللوا على طريق دمشق – السويداء، وعادت إلى السويداء في 26 تموز/ يوليو الماضي وهي بخير الآن، بعد أن كانت قد اختُطفت في 19 تموز/ يوليو.
وأضاف أحد المصدرين ويدعى "ربيع الحايك"، أن عودة الأسرة جرت عبر عملية مبادلة بين اللجان المحلية في المحافظة وجهة أخرى غير معلومة بالنسبة لهم، من خلال منظمة الهلال الأحمر العربي السوري.
وقال الحايك، وشاهدة ثانية طلبت عدم ذكر اسمها، إن الأسرة تتكون من: مروان الخطيب (مواليد 1960) الذي قُتل في منزله، وابنه ربيع الخطيب (30 عامًا) الذي قتل في منزله أيضًا، وزوجة ربيع، السيدة رؤى الأطرش، التي قُتلت في منزلها.
أما باقي أفراد الأسرة الذين اختُطفوا فهم:
قال ربيع الحايك، وهو من أقارب الأسرة، إن مجموعة مسلّحة اقتحمت قرية رضيمة اللوا في 19 تموز/ يوليو الماضي، حوالي الساعة الحادية عشرة صباحًا، وهاجمت منزل أقاربه، ما أدى إلى مقتل مروان الخطيب أثناء دفاعه عن المنزل، إلى جانب ابنه ربيع الخطيب، وزوجة ابنه رؤى الأطرش، واختطاف باقي أفراد الأسرة.
وأكدت شاهدة ثانية من أقارب العائلة رواية الحايك، مضيفة أن اشتباكاً دار في المنزل، وقُتل خلاله اثنان من المهاجمين بعد أن ألقى مروان قنبلة يدوية. وقالت إن المهاجمين ردّوا بإطلاق النار من سلاح رشاش من عيار 23، وعند رؤيتهم سقوط قتيلين منهم، أقدموا على قتل مروان وربيع وزوجة الأخير على الفور.
وأضافت أن بقية أفراد العائلة اختُطفوا ونُقلوا أولاً إلى قرية الصورى الكبيرة حيث بقوا ليوم واحد، ثم نُقلوا إلى قرية نائية على أطراف حماة، حيث وُضعوا في منزل حديث البناء يفتقر إلى الخدمات الأساسية، مشيرة إلى أن المعاملة كانت متفاوتة بين أفراد المجموعة، نافية معرفة كيفية إعادتهم لاحقًا إلى السويداء.
قال المقاتل قصي العمودي الشمري، في تصريح لمنصة (تأكد) إنه هو من التقط مقطع الفيديو الذي أُشيع أنه يوثق لحظة اختطاف عائلة الخطيب، نافياً تورطه في أي عملية اختطاف، ومؤكداً أنه ساهم بإخراج العائلة من منطقة الاشتباكات ونقلها إلى بلدة المطلة، حيث تلقت إسعافات أولية على يد صيدلي محلي، قبل أن تُسلَّم لاحقًا إلى نقطة طبية، رجح أنها تابعة لـ"الهلال الأحمر العربي السوري".
وأضاف الشمري أن الأسرة بقيت برفقته لفترة قصيرة لا تتعدى وقت تأمينها وإخراجها من موقع الاشتباك، مشيرًا إلى أنه ساعدها في التواصل مع أقارب في لبنان لطمأنتهم على سلامتها، لكنه لا يعلم شيئًا عن ظروف عودتها إلى السويداء أو ما حصل لها بعد ذلك.
وبخصوص موقع الحادثة، أوضح الشمري أنها وقعت في قرية الصُورى، لكنه عاد وأكّد أن مقطع الفيديو المتداول للمنزل الذي يزعم أنه شهد الاشتباكا صحيح، وهو ما يُثبت أن الحادثة جرت في قرية رضيمة اللوا، لا في الصورى كما زعم، حيث تمكنت (تأكد) من الوصول إلى موقع المنزل في قرية رضمية اللوا، وأكدت مصادرنا أنه ذاته الظاهر بالفيديو.
وتحدث عن تفاصيل الهجوم، قائلاً إنه لم يكن موجودًا في البداية، لكنه توجه إلى الموقع بعد سماع إطلاق نار، حيث شاهد مجموعة من مقاتلي "جيش العشائر" يحاولون طمأنة سيدة كانت تقف قرب سور المنزل، وقدموا لها وعوداً بالأمان لإقناعها بمغادرة المكان.
لكن، وفق روايته، أطلق شاب من داخل المنزل النار على مقاتلي العشائر رغم وجود السيدة بجانبهم، ما أدى إلى مقتلها إضافة لعنصرين من العشائر، كما أن رجل مسن ألقى قنبلة يدوية على مقاتلي العشائر أسفرت عن مقتل أربعة من المقاتلين.
وأشار الشمري إلى أن الاشتباك تصاعد لاحقًا، وألقى مقاتلو "جيش العشائر" قنبلة على سطح المنزل، ما أدى إلى مقتل الرجل المسن، فيما زعم أن الشاب الذي بادر بإطلاق النار انتحر داخل المنزل. وختم الشمري تصريحه بالتأكيد على أنه لم يختطف العائلة، بل قام بتأمينها فقط وإخراجها من منطقة الاشتباك.
ونشر الشمري مقطعاً مصوراً على صفحته في فيسبوك رداً على طلب نشرته (تأكد) للحصول على معلومات عن مصير الأسرة الظاهرة في الفيديو.
تواصلت منصة (تأكد) مع مدير فرع الهلال الأحمر في السويداء، أنور علم الدين، وطلبت منه توضيحًا بشأن تفاصيل عملية التبادل التي أُفرج بموجبها عن أفراد الأسرة، وقرأ علم الدين الرسالة عبر تطبيق واتساب دون أن يرسل أي رد.
كما حاولت (تأكد) التواصل مع نور الدين البابا، المتحدث باسم وزارة الداخلية، للحصول على تعليق رسمي، إلا أن الرسالة لم تُقرأ حتى لحظة نشر هذه المادة، كما أن فريقنا لم يتمكن من الاتصال به.
كذلك تلقت منصة (تأكد) وعوداً من العلاقات الحكومية في وزارة الإعلام في الحصول على معلومات عن طريقة عودة الأسرة وإذا ما كانت حصلت بتبادل، أو كانت مختطفة أو مأسورة، دون أن تحصل على هذه المعلومات إلى لحظة نشر المادة.