هذه الصورة لا تظهر مشاركة سجانة من معتقل صيدنايا ب...
الأحد 22 كانون أول - احتيال
تناولت العديد من الوسائل الإعلامية ملف عودة أو إعادة السوريين من لبنان إلى سوريا بطريقة منحازة لرواية الإعلام الرسمي، متجاهلة في كثير من الأحيان تناول الأسباب الحقيقية التي دفعت أولئك العائدين إلى بلد يتذيل الترتيب العالمي على كافة الأصعدة وأهمها الصعيد الأمني.
فريق التحرير الأحد 19 أيار 2024
تواصل لبنان عملية إعادة لاجئين سوريين إلى بلدهم، عشية مناقشة برلمانها مساعدات بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي، وأعلن الأمن العام في لبنان عن تنظيم إعادة نحو 330 لاجئاً عبر معبرين حدوديين في عرسال والقاع، في إطار"تأمين العودة الطوعية" التي بدأها الأمن منذ 2017.
عملية "العودة الطوعية" بحسب تسمية السلطات اللبنانية تجري تحت إشراف ممثلون عن المفوضية العليا للاجئين ومخابرات الجيش اللبناني، إضافة إلى جهاز الأمن العام، حيث تبدأ بطلب يتقدم به اللاجئون إلى مكاتب التسجيل التي تديرها مديرية الأمن العام اللبناني في مختلف أنحاء لبنان، ثم تشرع المديرية في تجميع كافة أسماء اللاجئين المسجلين وتعمل على تنظيم النقل في حافلات إلى الحدود السورية. ووفقًا للاتفاق الثنائي، يرسل الأمن العام اللبناني أيضًا قوائم بأسماء اللاجئين المسجلين إلى النظام السوري لأخذ الموافقة المسبقة عليها قبل عودتهم إلى سوريا.
تناولت العديد من الوسائل الإعلامية ملف عودة أو إعادة السوريين من لبنان إلى سوريا بطريقة منحازة لرواية الإعلام الرسمي، متجاهلة في كثير من الأحيان تناول الأسباب الحقيقية التي دفعت أولئك العائدين إلى بلد يتذيل الترتيب العالمي على كافة الأصعدة وأهمها الصعيد الأمني.
صحيفة "الشرق الأوسط" من بين تلك الوسائل التي نشرت بتاريخ 13 أيار/مايو الجاري تقريراً بعنوان "لبنان يستأنف رحلات العودة الطوعية للنازحين السوريين بقافلتين من 300 شخص" تبنت فيه الرواية اللبنانية الرسمية بشكل كامل، دون أي إشارة إلى الضغوطات التي مارسها لبنان ضد السوريين لاجبارهم على العودة، واكتفت بالقول إن " الرحلة أتت في ظل سجالات سياسية داخلية حول بقاء النازحين في لبنان".
قناة "الجزيرة" هي الأخرى اتبعت الأسلوب ذاته في تغطيتها للملف عبر "الجزيرة مباشر" التي نشرت في موقعها الإلكتروني والمنصات التابعة لها بتاريخ 17 أيار/مايو، تقريراً بعنوان "العودة الطوعية.. دفعة جديدة من اللاجئين السوريين تغادر لبنان إلى ديارهم"، تناولت فيه "المشاكل التي تواجه اللاجئ السوري الذي يسجل للعودة الطوعية من لبنان"، وغاب عن تلك التغطية أي ذكر للمشاكل التي دفعت ذلك اللاجئ للعودة أو إشارة للمصير الذي ينتظره هو وعائلته في سوريا.
تحذر منظمات حقوقية ودولية من عمليات ترحيل "قسرية" للاجئين السوريين في لبنان، وتشدد على أن توقف المعارك في سوريا لا يعني أن ظروف عودة اللاجئين باتت آمنة في ظل بنى تحتية متداعية وظروف اقتصادية صعبة وملاحقات أمنية وعمليات توقيف تطال العائدين إلى سوريا.
وقالت منظمة العفو الدولية الاثنين الماضي، في بيان عبر منصة إكس، إن السلطات اللبنانية بتسهيلها عمليات العودة الطوعية هذه، تتعمد تعريض اللاجئين السوريين لخطر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. و يتعين على لبنان احترام التزاماته بموجب القانون الدولي ووقف خططه لإعادة اللاجئين السوريين بشكل جماعي.
وأشارت المنظمة إلى "القانون الدولي يحظر الإعادة القسرية البنّاءة، التي تحدث عندما تستخدم الدول وسائل غير مباشرة لإجبار الأفراد على العودة إلى مكان يكونون فيه عرضة لخطر حقيقي بالتعرّض لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان". واعتبرت أيضا أن "لبنان اعتمد سلسلة من السياسات التقييدية المصممة للضغط على اللاجئين للعودة إلى سوريا، بما فيها القيود على الإقامة والعمل والتنقل".
ولكي تكون عودة اللاجئين إلى بلدانهم الأصلية طوعية فعلًا، تقول المنظمة إنه "يجب أن تسند إلى موافقتهم الحرة والمستنيرة. إلا أن الظروف القاسية في لبنان تلقي بظلال من الشك حول قدرة اللاجئين السوريين على إعطاء موافقة حرة حقًا".
وترى منظمة العفو الدولية أنه في كثير من الحالات، تمثّل السياسات غير العادلة التي تنتهجها الحكومة اللبنانية عاملًا أساسيًا في قرار مغادرة البلاد. وفي هذه الحالات، لا يمكن اعتبار موافقة اللاجئ على إعادته إلى دياره حرة أو طوعية.
وفي 16 تشرين الأول/أكتوبر عام 2022، قالت ديانا سمعان، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية بالنيابة، تعقيبًا على أنباء إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم في إطار ما يُزعم أنها عملية طوعية إن: "السلطات اللبنانية تعمل على توسيع نطاق ما يسمى بالعودة الطوعية، وهي خطة قائمة منذ أربع سنوات، في وقت أصبح فيه من الثابت أنَّ اللاجئين السوريين في لبنان ليسوا في موقف يسمح لهم باتخاذ قرار حر ومستنير بشأن عودتهم بسبب السياسات الحكومية التقييدية المتعلقة بالتنقل والإقامة، والتمييز المتفشي، وعدم إمكانية الوصول إلى الخدمات الأساسية، فضلًا عن عدم توفر معلومات موضوعية ومحدّثة حول الوضع الحالي لحقوق الإنسان في سوري".
وأبدت 8 منظمات حقوقية، بينها "العفو الدولية" و"هيومن رايتس ووتش"، في بيان مشترك، الاثنين 2 أيار/مايو الجاري، خشيتها من أن تؤدي مساعدة الاتحاد الأوروبي إلى "العودة القسرية للاجئين، ما يجعل لبنان والاتحاد الأوروبي متواطئين في انتهاكات مبدأ القانون الدولي العرفي بشأن عدم الإعادة القسرية، الذي يُلزم الدول بعدم إعادة الأشخاص قسرا إلى دول يتعرضون فيها لخطر الاضطهاد أو غيره من الانتهاكات الحقوقية الجسيمة".
وبحسب المنظمات الحقوقية منذ عام 2019، ترّحل السلطات اللبنانية اللاجئين السوريين إلى سوريا بإجراءات موجزة، تشمل الإعادة القسرية عند الحدود، في انتهاك لمبدأ عدم الإعادة القسرية. لذلك، فإن دعم الاتحاد الأوروبي للأجهزة الأمنية اللبنانية للحد من تحركات الهجرة إلى أوروبا قد يؤدي إلى لجوء السوريين إلى طرق أطول وأكثر خطورة لمحاولة الوصول إلى شواطئ أوروبا لتجنب الترحيل القسري إلى سوريا، ما يجعلهم يعتمدون على شبكات التهريب ويعرضهم للاتجار بالبشر.
وقالت المحامية والحقوقية اللبنانية، ديالا شحادة في حديثها لموقع "الحرة" إنه "يمكن لـ"العودة" أن تحمل في طياتها جانبا قسريا "إذا حصلت بناء على ضغوط سياسية وإجراءت تعسفية، من مداهمات وتوقيفات أو هدم مخيمات والحرمان من الإقامة".
وينطبق ما سبق على الأشخاص الموجودين في المخيمات وغير الراغبين بالعودة إما لأسباب أمنية أو سياسية- قانونية، أو لأن مناطقهم ما زالت مدمرة في وقت تغيب إجراءات النظام السوري. فتكون العودة هنا بظاهرها طوعية لكنها تتضمن إجراءات قسرية دفعت اللاجئين مضطرين للعودة.
أفادت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" في الثاني من أيار/مايو الجاري، أن قوات النظام السوري اعتقلت 98 لاجئا أجبروا على العودة إلى بلادهم من لبنان خلال شهر نيسان الماضي وحده. وأشارت الشبكة في تقريرها عن المدنيين الذين تم اعتقالهم من قبل أطراف النزاع في سوريا إلى أن قوات النظام اعتقلت 98 مدنيا، بينهم طفل وامرأتان، بعد إجبارهم على العودة من معبر المصنع الحدودي بين سوريا ولبنان. وأكدت أن النظام السوري لم يقدم أي تبرير لاعتقال الأشخاص، لافتةً إلى أن معظم المعتقلين لم يشاركوا في أي أعمال تشكل جريمة ضد النظام.
وأوضحت أن الجيش اللبناني نفذ حملات مداهمة واعتقال تستهدف اللاجئين السوريين في لبنان، حيث تم نقل اللاجئين إلى مراكز احتجاز تابعة لقوات النظام بعد ترحيلهم من لبنان. وذكرت أنه لا يزال هناك نحو من 135 ألفا و638 شخصًا معتقلين اعتقالا تعسفيا أو يعدون من المفقودين.
ووثقت الشبكة السورية في التاسع من أيار الجاري، مقتل الشاب محمود محمد ربيع حسنة، برصاص عناصرتابعة لقوات النظام السوري قرب مدينة تلكلخ المحاذية للحدود اللبنانية غرب محافظة حمص أثناء محاولته دخول لبنان بعد ترحيله منه في 28 نيسان الفائت.
ووثق مركز "وصول" لحقوق الإنسان 1080 حالة اعتقال تعسفي نفذتها السلطات اللبنانية ضد اللاجئين السوريين العام الماضي، ورحّلت السلطات 763 منهم قسرا إلى سوريا، حيث واجه معظمهم الاعتقال والتعذيب المميت والخطف والتجنيد الإلزامي والاتجار بالبشر.
وارتفعت حالات الاعتقال التعسفي الموثقة في لبنان ضد اللاجئين السوريين عمّا كانت عليه عام 2020 بنسبة 4220%، إذ لم يشهد ذلك العام إلا حالتي ترحيل اثنتين فقط، وفق بيانات مركز وصول.
وفي تقرير مركز وصول -المنشور مطلع العام الجاري- أشارت شهادات من رحّلتهم السلطات اللبنانية إلى سوريا لاحتمالية وجود تنسيق بين الدولتين لتسلم اللاجئين المرحلين على الحدود اللبنانية السورية، بين الجيشين اللبناني والسوري، وبين الفرقة الرابعة التابعة للجيش السوري وعصابات التهريب التي كانت تعيد اللاجئين السوريين إلى لبنان مقابل مبلغ مالي بعد أن يخلي سبيلهم النظام السوري.
© جميع الحقوق محفوظة 2024 - طُور بواسطة نماء للحلول البرمجية