هذا المقطع قديم وليس بعد سقوط نظام الأسد.. ما حقيق...
الخميس 20 شباط - إرباك
أحمد بريمو
الثلاثاء 18 شباط 2025
عدلت شبكة "روسيا اليوم" محتوى خبر مضلل نشرته عبر موقعها الإلكتروني بنسخته العربية بشكل كامل، دون أي إشارة إلى التضليل الذي مارسته، والذي لم يستهدف جمهورها فحسب، بل امتد تأثيره إلى عشرات المواقع الإخبارية التي نقلت عنها. ولم تكتفِ الشبكة بذلك، بل تجاهلت الإشارة إلى الجهد الذي بذلته منصة "تأكد" في كشف التضليل، محاوِلةً الظهور بمظهر الجهة المحققة والمدققة.
في فجر الإثنين 17 شباط/فبراير، نشرت شبكة "روسيا اليوم" خبراً بعنوان: "أسماء الأسد تخرج عن صمتها وتتحدث لأول مرة بعد سقوط النظام"، استندت فيه إلى منشورات وردت عبر حساب على منصة X يحمل اسم وصورة أسماء الأخرس، زوجة الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد. انتشر الخبر بشكل واسع على عشرات الشبكات الإخبارية العربية، وحتى بعض المنصات التي تنشر باللغة الإنجليزية.
وحظي الموضوع بزخم إعلامي كبير، حيث خصصت قنوات إخبارية عربية مساحات في نشراتها ومنصاتها للحديث عن "عودة أسماء الأسد" و"خروجها عن صمتها"، خاصة أن الخبر جاء عبر شبكة روسية حكومية، وهي ذاتها الدولة التي استقبلت الأسد وعائلته بعد منحهم اللجوء السياسي إثر فرارهم من سوريا في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024.
بعد ساعات من انتشار الخبر، نشرت منصة "تأكد" تحقيقاً بعنوان: "هل خرجت أسماء الأسد عن صمتها وتحدثت لأول مرة بعد سقوط النظام المخلوع؟"، أثبتت من خلاله زيف الرواية التي روجت لها الشبكة الروسية. وكشفت المنصة أن الحساب الذي يحمل اسم وصورة أسماء الأسد هو حساب مزور، تديره جهة مجهولة، ويدعمه حساب آخر ينتحل هوية نجلها حافظ بشار الأسد.
أدى هذا التحقيق إلى تراجع العديد من المواقع الإخبارية عن نشر الخبر، حيث قامت بحذفه دون أي توضيح أو اعتذار لجمهورها، ما يعكس حالة من الاستهتار تجاه الجمهور وحقه في الحصول على معلومات دقيقة.
لاحقاً، أقدمت شبكة "روسيا اليوم" على تعديل الخبر الكاذب الذي نشرته، لكنها تجاهلت الإشارة إلى التضليل الذي مارسته في البداية، أو حتى محاولة تبرير خطئها. والأسوأ من ذلك، نسبت لنفسها اكتشاف زيف الحساب، مدعيةً أنها قامت بـ"التدقيق والتمحيص"، في الوقت الذي اعتمدت فيه بالكامل على الأدلة التي قدمتها منصة "تأكد".
ورغم أن شبكة MBC السعودية كانت من بين الجهات الإعلامية التي وقعت ضحية التضليل في البداية، إلا أنها تكررت خطأها لاحقاً. إذ استندت مرة أخرى إلى شبكة "روسيا اليوم" في دحض الرواية المزيفة، عبر منصتها "العربية-سوريا"، دون إشارة إلى تحقيق منصة "تأكد"، التي كانت المصدر الأصلي للتحقق.
ساهم التضليل الذي مارسته شبكة "روسيا اليوم" في تعزيز نمو الحسابات المزورة التي روجت لها الشبكة على أنها حسابات رسمية. ورغم أن منصة X أغلقت لاحقاً الحسابين المزورين اللذين انتحلا هويتي أسماء الأسد وحافظ بشار الأسد، إلا أن القناتين المرتبطتين بهما على تطبيق تيليجرام الروسي شهدتا ازدياداً كبيراً في عدد المتابعين، ليصل إلى عشرات الآلاف.
وتواصل العديد من الشبكات الإخبارية وصفحات التواصل الاجتماعي تداول هذه الحسابات على أنها مصادر موثوقة، ما يزيد من خطر انتشار المعلومات المضللة. هذا الواقع يعزز مناخ التضليل الإعلامي، ويهدد مصداقية الأخبار، خاصة في ظل فوضى المعلومات المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتقاعس الشركات المالكة لهذه المنصات عن التصدي للحسابات المزورة.
هذه الواقعة تعكس مجدداً خطورة عدم التزام بعض المؤسسات الإعلامية بالحد الأدنى من المعايير المهنية، وضرورة تعزيز جهود التحقق من صحة المعلومات، خاصة في سياق النزاعات والحروب، حيث تصبح الحقيقة أولى ضحايا التضليل.
© جميع الحقوق محفوظة 2025 - طُور بواسطة نماء للحلول البرمجية