ما حقيقة الوثائق التي زعم أنها تثبت مسؤولية الأسد...
الجمعة 13 كانون أول - احتيال
أثارت تصريحات رسمية أدلى بها ضابط رفيع المستوى في النظام السوري مطلع الشهر الجاري عن الحجز التنفيذي على أموال أقارب وذوي المتخلّفين عن "خدمة العلم" ممن تجاوزوا الـ 42 عاماً جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، ووردت لمنصة (تأكد) العديد من الأسئلة عن السند القانوني لتلك التصريحات، وبناء على ذلك تواصلنا مع عدد من المختصين الذين أجمعوا على أنها غير قانونية حتى بموجب المراسيم الصادرة عن النظام السوري ذاته.
أحمد سرحيل الأحد 07 شباط 2021
الادعاء
نشرت صفحات عامة وإخبارية منحازة للنظام في سوريا مطلع شهر شباط/فبراير، مقابلة مصورة مع رئيس فرع البدل والإعفاء في مديرية التجنيد العامة التابعة للنظام العميد إلياس بيطار، زعم خلالها أن للنظام السوري الحق بالحجز التنفيذي على أموال أقارب وذوي المتخلّفين عن "خدمة العلم" ممن تجاوزوا سن 42 عاماً، رابطاً ادعاءه بـ "المرسوم التشريعي" رقم 31 للعام 2020.
وفيما يلي تفريغ حرفي لتصريحات المسؤول حول الحجز التنفيذي اعتباراً من الدقيقة (6.26 إلى 8.55) من توقيت المقابلة المشار إليها:
"يحق للمكلف الذي تجاوز (42) عاماً أن ينظّم إضبارةَ بدل فوات الخدمة عن طريق شعبة تجنيده، إضبارةُ بدل فوات الخدمة تنظّم في نهاية سن (42) في اليوم الذي يلي عام (42)، ونعطي المكلف مدة ثلاثة أشهر، شهر لمراجعة شعبة التجنيد، حتى يراجع شعبة التجنيد ويُنجز الإضبارة ويدفع لدى مصرف سوريا المركزي أو أي وحدة مالية أخرى قيمة بدل فوات الخدمة والتي تقدر بـ 8 آلاف دولار أمريكي أو ما يعادلها بالليرة السورية حسب مصرف سوريا المركزي، ولكن هناك الكثير من المكلفين تجاوز سنّ (42) وتجاوز مدة الثلاثة أشهر، شعبة التجنيد ترفع لنا قائمة بهذه الأسماء، ونحن ننظم لكل مكلف من هؤلاء المكلفين وثيقة استدعاء أو إضبارة إلى القضاء العسكري (النيابة العسكرية ) وإلى الوزارة المالية (هيئة الضرائب والرسوم), لماذا؟ من أجل أن ينفذوا الحجز التنفيذي على أملاك هذا المكلف المتأخر بإنجاز دفع قيمة بدل فوات الخدمة، وبالنسبة للقضاء العسكري أيضاً يقوم القضاء العسكري بإجراءات من قبله حسب الأنظمة والقوانين، بنفس التوقيت شعبة تجنيده (المكلف) تقوم بإرسال اسمه لنشره في النشرة الشرطية.
وأضاف "لا يمكن لأي مكلف ولا لأي مواطن في الجمهورية العربية السورية حتى ولو تجاوز سن (42) ولم يرضخ للأنظمة والقوانين أو لم ينظم إضبارةَ بدل فوات الخدمة ودفع قيمة بدل فوات الخدمة التي تقدر بـ 8 آلاف دولار أمريكي، هناك أنظمة وقوانين جازمة بهذا الخصوص من حيث القضاء، من حيث وزارة المالية، من حيث الهيئة العامة للضرائب والرسوم، تقوم بالحجز التنفيذي بموجب كتاب صادر عن مديرية التجنيد على أملاكه، على ممتلكاته، على أرزاقه، سواء كانت له أو لأهله أو ذويه أو أي أحد آخر يخصه".
للتحقق من صحة الادعاءات التي أدلى بها رئيس فرع البدل والإعفاء في مديرية التجنيد العامة التابعة للنظام في سوريا العميد (الياس بيطار) خلال مقابلته المشار إليها، ومدى توافقها مع القوانين التي يعمل بها النظام في سوريا، بحثت المنصة عن قانون متعلّق بالموضوع في موقع (وزارة الخارجية والمغتربين/الجمهورية العربية السورية)، وعثرت على أحكام عامة حول "بدل فوات الخدمة لمن تجاوز الـ 42 عاماً" منشورة على وكالة الأنباء الرسمية (سانا).
وينصّ القانون المذكور بحسب المادة /5/ تعديل المادة /97-1/، على أنه "من يتجاوز عمره السن المحددة للتكليف بالخدمة الإلزامية ولم يؤدها لغير أسباب الإعفاء أو التأجيل الإداري القانوني المنصوص عليها في هذا القانون يعوّض مادياً بدفع بدل فوات الخدمة بمبلغ قدره ثمانية آلاف دولار أمريكي"، وأضاف القانون "كل من تجاوز عمره الـ/42/ سنة ميلادية باليوم والشهر ولم يؤد الخدمة الإلزامية لغير أسباب الإعفاء المنصوص عليها في قانون خدمة العلم يتوجب على رئيس شعبة تجنيده تنظيم إضبارة بدل فوات خدمة أصولاً وتبليغه بوجوب دفع بدل فوات الخدمة خلال مهلة ثلاثة أشهر مع التنويه لما يترتب عليه في حال عدم الدفع".
ولم ينصّ القانون على إلقاء الحجز التنفيذي على أموال أقارب وذوي المكلف الذي تجاوز سنّ الـ42 عاماً ولم يؤدّ "الخدمة الإلزامية".
ما هو رأي المختصين في كلام رئيس فرع البدل والإعفاء؟
تواصلت المنصة مع عدد من القضاة والمحامين السوريين للتحقق من مدى قانونية كلام رئيس فرع البدل والإعفاء في مديرية التجنيد العامة التابعة للنظام (الياس بيطار) بخصوص فرض الحجز التنفيذي على أموال أقارب وذوي المتخلفين عن "خدمة العلم" ممن تجاوزوا الـ42 عاماً.
وحول هذا الأمر قال الأستاذ القاضي السابق في سوريا إبراهيم حسين والمقيم في تركيا حاليا، حينما سألناه عن قانون خدمة العلم في سوريا:
"يحكم موضوع خدمة العلم في سوريا قانون خدمة العلم الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 30 لعام 2007، وقد طرأت عليه تعديلات لاحقاً، التعديل الأول عام 2014 بالمرسوم التشريعي رقم 33، جرى فيه تحديد بدل فوات الخدمة للمكلف الذي تجاوز 42 عاماً من عمره بمبلغ وقدره 8 آلاف دولار أمريكي، مع تحديد عقوبة الممتنع عن الدفع، وورد في التعديل نص يفيد بأن المكلف الممتنع عن الدفع يبلّغ مباشرة أو عبر ذويه أو وكيله القانوني بوجوب الدفع خلال مدة 15 يوماً من تاريخ التبليغ تحت طائلة الحجز على أمواله المنقولة وغير المنقولة والتنفيذ عليها وفق قانون جباية الأموال العامة".
وأضاف: "في عام 2017 صدر القانون 35 وبموجبه عُدلت المادة 97 مرة أخرى، بحيث تضّمن التعديل الجديد تحديد مدة ثلاثة أشهر للدفع، وأُلغي شرط التبليغ، وفي حال عدم الدفع يتم إلقاء الحجز الاحتياطي على أموال المكلف المنقولة وغير المنقولة بقرار من وزير المالية، ثم جرى تعديل ثالث عبر مجلس الشعب عام 2019 حيث أصبحت المادة 97 تنص على إلقاء الحجز التنفيذي على أموال المكلف الممتنع عن الدفع عند إتمامه 43 سنة من عمره وبدون تبليغ، والحجز الاحتياطي على أموال الزوجة والأولاد، وقد يتم رفع هذا الحجز الاحتياطي في حال ثبت أن هذه الأموال المحجوز عليها لم تؤل إليهم من الزوج أو إذا كانت أموال المكلف الشخصية تكفي لتحصيل ما يترتب بذمته".
ثم عقّب القاضي بقوله "وبالتالي لا صحة لما قاله رئيس فرع البدل والإعفاء في مديرية التجنيد العامة التابعة للنظام (الياس بيطار)، بأن الحجز التنفيذي يلقى على أموال المكلف وذويه وأي شخص يخصه".
وأشار القاضي إلى أن قانون جباية الأموال العامة لا يوجد فيه تفصيل يوحي بجواز إلقاء الحجز التنفيذي أو الاحتياطي على الأشخاص غير المكلفين، مردفاً أن هذا القانون يضع قواعد عامة لإجراءات تحصيل المال العام، وبشكل عام فإن الحجز هو شخصي، وفي بعض التشريعات يمكن ورود مواد تفيد بامتداد الحجز إلى أموال الزوجة والأولاد فقط.
وعرفت الموسوعة العربية في مادة منشور على موقعها "الحجز الاحتياطي أو التحفظي بأن أثره يقتصر على منع المدين من التصرف في المال المحجوز ضماناً لحقوق الدائنين، ويستمر الحال كذلك إلى أن يُحْكَمَ في النزاع المتعلق بالدَين، أما الحجز التنفيذي فيتجاوز أثره منع المدين من التصرف في المال، إلى كونه إجراء من إجراءات التنفيذ الجبري، التي تمارسها السلطة القضائية المختصة، الهادفة إلى اقتضاء الدين من المال المحجوز إن كان نقداً، أو بيع المال وتحصيل الدين من ثمنه إن كان عقاراً أو أعياناً منقولة".
كذلك المحامي غزوان قرنفل المقيم في مدينة مرسين التركية، قال لمنصة (تأكد): "بالنسبة لما ورد ذكره حول تعدي الحجز التنفيذي إلى أموال وأملاك غير الشخص الذي فاتته الخدمة، فإن الحجز يقع فقط على أموال المكلف المنقولة وغير المنقولة، أما ما ورد على لسان رئيس فرع البدل والإعفاء من ناحية إيقاع الحجز التنفيذي على أموال وأملاك أهل وذوي الشخص المكلف هو كلام مرسل، وليس له أي أساس قانوني ولا يُعتد به".
واعتبر المحامي السوري أن ما أورده المسؤول المشار إليه خلال مقابلته التلفزيونية يخالف مبدأ شخصية العقوبة، المنصوص عليه في الدستور في المادة 51، فالعقوبة لا تتعدى إلى أموال الأهل والأقارب وتقتصر فقط على أموال المكلف المنقولة وغير المنقولة".
وتواصلت منصة (تأكد) مع محامٍ سوريّ يقيم في محافظة اللاذقية السورية -تتحفظ المنصة عن ذكر اسمه- حيث قال: "بالنسبة إلى امتداد الحجز التنفيذي على أموال زوجة المكلف، لا يجوز قانوناً إيقاع الحجز على أموالها إلا بعد نشوء السبب الموجب للحجز على أموال المكلف، أي التي تملّكتها بعد صدور قرار الحجز، أما الأموال التي لديها قبل نشوء السبب الموجب للحجز أو صدور القرار بالحجز، فلا يمكن الحجز عليها، وذلك عملاً بمبدأ "الذمة المالية المستقلة"، أي أن لكل شخص ذمة مالية مستقلة".
شارك بإعداد هذه المادة الزميل المحامي عروة السوسي في إطار برنامج (زمالة تأكد) 2021.
المصدر | العلامة | المواد |
---|---|---|
مسؤولون رسميون | -6 |
© جميع الحقوق محفوظة 2024 - طُور بواسطة نماء للحلول البرمجية