قصة حراس جزيرة الأفعى الأوكرانية.. للقصة بقية إن لم تروها وقعتم في فخ التضليل

الادعاء

"انتشر تسجيل صوتي، على مواقع التواصل الاجتماعي، لمجموعة عسكرية أوكرانية على جزيرة نائية، رفضت الاستسلام لقوة بحرية روسية والتخلي عن موقعها، ما دفع الروس إلى إطلاق النار عليهم، ما أسفر عن مقتلهم جميعاً".

النص السابق كان مقدمة لخبر نشرته قناة TRT التركية بنسختها العربية عبر موقعها الرسمي بتاريخ 26 شباط/فبراير 2022، نقلت فيه عن صحيفة واشنطن بوست الأمريكية قولها "إنّ فريقاً صغيراً من حرس الحدود الأوكرانيين مكوناً من 13 عنصراً، في جزيرة الأفعى الصخرية في البحر الأسود تلقى إنذاراً من سفينة حربية روسية تخيرهم إما الاستسلام أو التعرض للهجوم، إلا أن المجموعة فضّلت الموت على الاستسلام".

قبل ذلك بساعات نشرت قناة الجزيرة مباشر عبر موقعها الإلكتروني قصة الجنود الأوكرانيين في جزيرة الأفعى قبل قتلهم بضربة روسية في خبر نسبته إلى شبكة (سي إن إن) الأمريكية يشير إلى أن "آخر الكلمات التي سُمعت من الجزيرة كانت رد جندي أوكراني على النداء الروسي الذي طالبهم بالاستسلام وإلقاء أسلحتهم بكلمات نابية وقال “أيتها السفينة الحربية الروسية، اذهبوا إلى الجحيم (go f... yourself)”.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن جميع الجنود الأوكرانيين الـ13 قتلوا بقصف روسي يوم الخميس، وأضاف “كل حرس الحدود ماتوا بشكل بطولي لكنهم لم يستسلموا. سيحصلون على لقب بطل أوكرانيا بعد وفاتهم”.

دحض الادعاء

لم تمض سوى 48 ساعة على انتشار القصة المؤثرة للجنود الأوكرانيين الذين رفضوا الاستسلام أمام الغزو الروسي لجزيرتهم الغنية بالنفط حتى تدارك مسؤولون أوكرانيون ادعاء رئيسهم ونفوا نبأ مقتلهم.

وقالت دائرة حرس الحدود الأوكرانية في بيان نُشر على صفحتها على فيسبوك يوم السبت 26 شباط/فبراير 2022 إن "الحراس ربما لا يزالون على قيد الحياة، بعد أن أفادت وسائل إعلام روسية أنهم نُقلوا كسجناء من قاعدتهم في جزيرة الأفعى في البحر الأسود إلى مدينة سيفاستوبول الساحلية".

وأكدت القوات البحرية للقوات المسلحة الأوكرانية أنّ جنود البحرية وحرس الحدود في جزيرة الأفعى على قيد الحياة وبصحة جيدة في بيان رسمي نشرته عبر صفحتها الرسمية بموقع فيسبوك بتاريخ 28 شباط/فبراير 2022، اتهمت خلاله روسيا ببث الدعاية الإعلامية وضرب مصداقية السلطات الأوكرانية.

وبثت وسائل إعلام روسية تسجيلات مصورة تظهر لحظة وصول الجنود الأوكرانيين الذين استسلموا للقوات الروسية في جزيرة الأفعى ونقلت عن نائب قائد أسطول البحر الأسود الروسي ميخائيل ياسنيكوف، السبت 26 شباط تصريحات قال فيها: "تم تسليم مجموعة من العسكريين الأوكرانيين من جزيرة سنيك (الثعبان) إلى مدينة سيفاستوبول بواسطة قاطرة إنقاذ. هؤلاء هم 82 شخصا ألقوا أسلحتهم وقرروا العودة إلى ديارهم وعائلاتهم".

وأضاف: "احترم بحارة أسطول البحر الأسود قرار حرس الحدود الأوكرانيين وتم إنشاء ممر آمن لسحب الجنود الأوكرانيين من منطقة العملية. وبعد اتفاق مع الجانب الأوكراني، سيتم إعادة الجنود إلى بلادهم بعد تنفيذ إجراءات قانونية قصيرة الأمد".

وعلى ضوء ذلك، نشرت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية تقريراً جديداً بتاريخ 26 من الشهر الماضي أشارت فيه إلى أنّ "حرس الحدود الأوكرانيون قد نجوا من الموقف الأخير الذي تم الإبلاغ عنه في جزيرة الأفعى"، وضمّنت فيه آخر تطورات قصتهم التي انتشرت على نطاق واسع بمختلف اللغات.

بدورها نشرت شبكة (CNN) الأمريكية بتاريخ 28 فبراير، خبراً تناولت فيه تطورات الجنود الأوكرانيين الذين نشرت نبأ مقتلهم قبل أربعة أيام، وأشارت إلى أن "البحرية الأوكرانية قالت إنّ جنود جزيرة الأفعى الجريئين أحياء وبصحة جيدة".

لماذا توقف الزمن عند المواقع العربية؟

بالرغم من أنّ المصادر التي اعتمدت عليها كل من قناتي الجزيرة مباشر وTRT العربية في خبريهما اللذين تناولا القصة المؤثرة للجنود الأوكران نشرت متابعات للقصة وبينوا لمتابعيهم الخلل الذي رافق القصة، لم تنشر أي من القناتين تطورات القصة.

حيث لم تظهر نتائج البحث التي يوفرها كلا الموقعين اللذين يتبعان لشبكتين كبيرتين أي نتائج تشير إلى متابعة للقصة التي أقرت السلطات الأوكرانية بعدم صحتها عبر (دائرة حرس الحدود الأوكرانية) و (القوات البحرية للقوات المسلحة الأوكرانية).

حرب المعلومات المضللة

ترافقت الحرب الروسية على أوكرانيا مع انتشار سيل من المواد المضللة والكاذبة على مواقع التواصل الاجتماعي، بينها مقاطع فيديو تصور صراعات قديمة ومشاهد من أفلام سينما وحتى معارك من ألعاب فيديو كما لو كانت تعرض لقطات حية عما يجري ميدانياً في الحرب التي فرضتها روسيا على جارتها.

ويعمل فريق منصة (تأكد) منذ إطلاق الرصاصة الأولى في الحرب على التصدي لتلك المعلومات المضللة، وبهذا السياق أنشأت المنصة قسما جديداً أضيف إلى قسم (ملفات ساخنة) تحت اسم (الغزو الروسي لأوكرانيا) تضمن فيه كافة المواد التي ترصدها المنصة وتنشر تصحيحات عنها.

الاستنتاج