ما حقيقة العثور على الصحفي الأمريكي أوستن تايس في...
الخميس 12 كانون أول - عبث
أحمد بريمو الثلاثاء 11 أيار 2021
ترافق تفشي "الطفرة الهندية" من فيروس كورونا المستجد كوفيد-19 في الهند مع أزمة أخرى موازية لم تقل خطورة عن الأولى، والتي وصفها خبراء بـ "وباء المعلومات المضللة"، بعد أن ساهمت بسقوط الكثير من الأشخاص فريسة للمعلومات المضللة والكاذبة ما أثر سلباً على حملة التطعيم الكبيرة في الهند.
ولم يقتصر "وباء المعلومات المضللة" على سكان الهند فحسب، وإنما طال شعوب المنطقة العربية أيضا من خلال نشر العديد من المواضيع المضللة حول البلد الذي يعتبر ثاني أكبر بلد في العالم من حيث عدد السكان.
نستعرض في هذه المادة أبرز المواضيع المضللة التي نشرها مستخدمون عرب على مواقع التواصل الاجتماعي حول أزمة تفشي فيروس كورونا في الهند، التي تسجل بشكل يومي أكثر من 350 ألف إصابة جديدة بفيروس كورونا حتى ارتفع إجمالي عدد الإصابات فيها إلى أكثر من 20 مليونا، ووصل عدد الوفيات إلى نحو 222 ألف و500 حالة وفاة.
لم يرم الهنود أصنامهم في النهر لأنها لم تنفعهم في مواجهة كورونا
تداولت صفحات وحسابات شخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك مطلع شهر أيار/مايو الجاري تسجيلاً مصوراً يظهر إلقاء تماثيل في أحد الأنهار مع ادعاء يقول إن "الهنود يرمون أصنامهم في النهر بعدما تأكدو أنها لم تنفعهم في مواجهة الكورونا".
وعلى الرغم من أن التسجيل ذاته انتشر مع بداية تفشي فيروس كورونا حول العالم مطلع العام 2020، إلا أنه عاد للانتشار مجددا وحظي بتفاعل وانتشار واسع على مواقع التواصل الاجتماعي وذلك بعد إعلان وزارة الصحة الهندية في آذار/مارس الماضي عن تسجيل "متغير متحور مزدوج" جديد لفيروس كورونا.
منصة (تأكد) أثبتت أن الادعاء -الذي رافق التسجيل الذي انتشر على أنه لـ "هنود يرمون أصنامهم في النهر لأنها لم تنفعهم في مواجهة كورونا"- ادعاء مضلل، و أن التسجيل المصور منشور قبل ظهور وباء كورونا (COVID-19) وتفشيه.
وارفقت المنصة في المادة التي نشرتها عبر موقعها الإلكتروني في الثاني من شهر أيار/مايو الجاري نسخة من ذات التسجيل منشورة على موقع فيسبوك منذ أيلول/سبتمبر عام 2015.
ويعتبر إلقاء التماثيل في النهر طقس دينيّ من طقوس أتباع الديانة الهندوسية يمارسونه سنوياً خلال "مهرجان غانيش" -مهرجان هندوسي سنويّ يقام تكريماً لـ"الآلهة غانيشا"- ويحتفل بهذا المهرجان في الأماكن العامة والمنازل، وتنصب تماثيل من الطين للآلهة "غانيشا" للعبادة الجماعية، وفي نهاية المهرجان، تغمر هذه التماثيل في الماء كالأنهار والبحيرات والبرك وفقاً للديانة الهندوسية، وتستمر الاحتفالات هذه لمدة 10 أيام.
"الطفرة الهندية" من فيروس كورونا لن تصل إلى سوريا عن طريق منخفض جوي هندي
لم تقتصر المعلومات المضللة على المواد المصورة المرتبطة بـ "الطفرة الهندية" من فيروس كورونا التي تفشت في الهند فحسب، بل ارتبطت أيضاً بتصريحات مضللة وردت على لسان أطباء أخصائيين يتبؤون مناصب طبية في سوريا.
في الثاني من شهر أيار/مايو الجاري، نقلت إذاعة سورية محلية عن مسؤول طبي في النظام السوري تصريحا يفيد بأن الطفرة الهندية من فيروس كورونا تنتقل في الهواء، مدعياً أن "الطفرة يمكن أن تنتقل إلى سوريا عن طريق منخفض جوي هندي".
التصريح الذي نقلته إذاعة (شام FM) عن الدكتور نبوغ العوا -عضو الفريق الاستشاري المعني بالتصدي لفيروس كورونا التابع للنظام السوري، وعميد كلية الطب البشري السابق في "جامعة دمشق" بين عامي 2017 و2020- قال فيه إن "الطفرة الهندية من فيروس كورونا بدأت أثناء احتفالات دينية في الهند، واشتدت من بعدها الإصابات"، مدعياً أن "هذه الطفرة أقوى وأخطر من كل الطفرات السابقة، نظراً لكونها تصيب الرئة وتنتقل في الهواء" وتناقلته العديد من المواقع والمدونات والصفحات الإخبارية السورية، كما شهد انتشاراً واسعاً على حسابات شخصية بمواقع التواصل الاجتماعي.
منصة (تأكد) دحضت الادعاء في مادة نشرت عبر موقعها في اليوم التالي لتصريحه، مستندة على تصريح الدكتور محمد سالم -عضو اللجنة التقنية في فريق لقاح سوريا العامل بمناطق المعارضة السورية، والذي أكد عدم وجود أي إثبات حول انتقال الفيروس عبر الهواء، معتبراً أنه في حال كان هناك إمكانية لانتقال الفيروس بالهواء لكانت إجراءات الوقاية المتبعة مختلفة كلياً، ولا يمكن تطبيق التباعد الاجتماعي، والحل الوحيد وقتها الإغلاق التام وإلزام الناس بالبقاء في بيوتها.
كما استندت المنصة في مادتها إلى آراء علمية أكدت أن فيروس كورونا غير قابل للحياة إلا لبضع ثوان فقط في الهواء في ردهم على نتائج دراسة أمريكية نشرت في العام 2020 أشارت إلى أن فيروس كورونا باستطاعته الصمود لمدة ثلاث ساعات، بعد قيام الباحثين باستخدام البخاخات لنشره في الهواء، معتبرين أن استخدام البخاخات لا يحاكي سعال المريض.
وأدرجت المنصة أيضاً موجزاً علمياً نشر على الموقع الرسمي لمنظمة الصحة العالمية في آذار/مارس 2020 تحت عنوان: "طرق انتقال الفيروس المسبب لمرض كوفيد-19: الآثار المترتبة على التوصيات بشأن التدابير الاحتياطية للوقاية من العدوى ومكافحتها" تنتقل العدوى بالفيروس المسبب لمرض كوفيد-19 أساساً من شخص إلى آخر عن طريق القطيرات التنفسية والمخالطة، وفي تحليل لما مجموعه 465 75 حالة إصابة بمرض كوفيد-19 في الصين، لم يبلَّغ عن انتقال العدوى بالهواء.
بعد ذلك نشرت صفحات طبية على موقع فيسبوك "اعتذار وتوضيح من الدكتور نبوغ العوا حول تصريحه على أثير إذاعة شام اف ام حول انتقال فيروس كورونا عبر المنخفض الهندي"، صرح بأن لقاءه "خرج عن سياقه، وكان الحديث من باب المزاح بحكم أنها مقدمة البرنامج الصباحي هي ذاتها الزميلة ديالا حسن مقدمة نشرة الطقس".
لم يدخل دخل الهندوس الإسلام بعد تفشي وباء كورونا في الهند
تواصل التسجيلات المصورة التي تحتوي على معلومات مضللة بالانتشار مع استمرار الهند بتسجيل أرقام كبيرة للمصابين يومياً بفيروس كورونا، وأبرزها تلك التي تأخذ طابعاً دينياً يحاول التشكيك في الديانة التي تعتبر من أكبر الديانات في الهند، ألا وهي الهندوسية، التي يقدر عدد أتباعها في هذا البلد بنحو مليار شخص.
في أيار/مايو الجاري تداول مستخدمون على موقعي التواصل (فيسبوك وتويتر) وتطبيق المراسلة (WhatsApp) تسجيلاً مصوراً لمظاهرة يهتف فيها المتظاهرون بشعار إسلاميّ، ويظهر التسجيل المتداول مئات الأشخاص بعضهم يرتدي زيّ الهندوس وبعضهم يرتدي زيّ المسلمين، وهم يهتفون (لا إله إلا الله محمد رسول الله).
وأرفق المتداولون التسجيل بادعاء يتحدث عن "خروج الهندوس في الهند بمظاهرة يعلنون فيها إسلامهم، ويطلبون فيها من الله أن يرفع البلاء عنهم، بعد تفشي وباء كورونا في بلادهم".
منصة (تأكد) تحرت عن التسجيل المتداول ليتبين أن التسجيل انتشر بشكل واسع وكبير على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك في الأسبوع الثاني من آذار/مارس 2020، وحينها لم يكن قد انتشر فيروس كورونا في الهند بعد، حيث وصل عدد الحالات المكتشفة إصابتها بالفيروس حينئذ قرابة 30 شخصاً فقط، 15 منهم سائحون إيطاليون.
وقدمت المنصة في المادة التي نشرتها حول التسجيل أنه يعود لمظاهرة داعمة للمسلمين في الهند، ومناهضة للاعتداء عليهم وعلى ممتلكاتهم ومساجدهم، ومنددة برئيس الوزراء الهندي "ناريندرا مودي" المعروف بمعاداته للمسلمين.
السلطات الصحية في الهند لم تلجأ إلى علاج مصابي كورونا بالقرآن
وفي سياق غير بعيد، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلاً مصوراً ادعِيَ أنه يظهر "لجوء السلطات الصحية في الهند إلى علاج المصابين بفيروس كورونا بالقرآن".
وانتشر التسجيل على عشرات الحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي وأعاد مستخدمون رفعه على موقع (يوتيوب) مصحوباً بتعليق يقول "لجأت السلطات الصحية في الهند إلى تشغيل تسجيل صوتي من القرآن الكريم في غرف العناية المركزة وخاصة سورة الرحمن لما له أثر في شفاء المرضى على حد سواء كانوا مسلمين أو بوذيين أو هندوس".
منصة (تأكد) تعاملت أيضاً مع التسجيل المشار إليه وأجرت تدقيقاً للتسجيل، وأظهرت النتائج -بعد تقطيع التسجيل إلى صور عديدة وإجراء بحث عكسي عنها باستخدام أداة InVid مفتوحة المصدر- أنه منشور على موقع يوتيوب منذ العام 2018 تحت عنوان "الأطباء يوصون بعلاج سورة الرحمن في وحدة العناية المركزة بمستشفى سورة الرحمن".
وأثبتت المنصة أن التسجيل نُشر على موقع يوتيوب منذ آذار/مارس 2018 -أي قبل سنتين تقريباً من تفشي فيروس كورونا- بعد اجتزائه من تقرير عرض على قناة "Star Asia" التي أظهرت نتائج البحث أنها قناة باكستانية، وصُوِر في مستشفى "سروسز ہسيتال" وهو مستشفى Services Hospital في مدينة لاهور الباكستانيّة وليس في الهند.
وباء المعلومات المضللة يزيد الطين بلة في ظل تفاقم أزمة كورونا في الهند
ضرر "وباء المعلومات المضللة" طال أيضاً سكان البلد المتضرر من تفشي "الطفرة الهندية" من وباء كورونا، ولم يقتصر على سكان المنطقة العربية وشعوبها، حيث غزت المعلومات المضللة مواقع التواصل الهندية ضحية لها، وهو ما أثر سلبا على حملة التطعيم الكبيرة في الهند، وذلك عبر نشر شائعات عن الآثار الضارة لهذه اللقاحات.
وبحسب تقرير نشره موقع إذاعة صوت ألمانيا (دويتشه فيله) في الرابع من أيار/مايو الجاري، وشاركه فريق منصة تأكد على موقعه، يوجد الكثير من المعلومات المضللة بشأن سلامة التطعيم على الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، وأيضا النساء، كما انتشرت أيضا خرافات بشأن استخدام البخاخات كبديل لأسطوانات الأوكسجين الطبي في ظل أزمة نقص هذه الأسطوانات في البلاد.
كما انتشرت شائعات في الهند تقول إن استنشاق البخار أو تناول الثوم والقرفة وجذور عرق السوس قد يكون إجراء وقائيا ضد فيروس كورونا أو للشفاء منه، وانتشرت فكرة أخرى شديدة الخطورة على مواقع التواصل الاجتماعي تفيد بأن الهنود يتمتعون بمناعة أعلى ضد فيروس كورونا، وتستند هذه الفكرة على تفسير سطحي وخاطئ لدراسة وحيدة بشأن جينات وراثية قد أُجريت على مجموعات عرقية مختلفة.
وفي مقابلة مع ذات الموقع سلط سيد نازاكات (Syed Nazakat) -مؤسس مبادرة لتقصي الحقائق تسمى (Health Analytics Asia)-الضوء على هذه المشكلة بقوله إن "من بين هذا الكم الكبير من المعلومات المضللة، تلك التي تتعلق بالصحة والتي لاقت رواجا، يليها المعلومات الدينية المضللة". ويضيف بأن "معظم المعلومات الصحية المضللة تتعلق بالوباء، وهذا أمر بديهي عندما تكون البلاد في خضم حملة كبيرة للتطعيم، وبات جليا أن هناك عدم احترام للعلم".
© جميع الحقوق محفوظة 2024 - طُور بواسطة نماء للحلول البرمجية