قصة "إنسانية" أخرى من السجون السورية تخفي وراءها م...
السبت 28 كانون أول - احتيال
فريق التحرير الجمعة 24 كانون أول 2021
لم يعد يقتصر العنف ضد النساء ضمن حدود مجتمعهنّ الضيق أو القريب منهنّ، إنما تعدّاه إلى الواقع الافتراضي وما أفرزته ثورة التقانة من سهولة التواصل والاتصال. إذ تتعرض شريحة كبيرة من النساء للإساءة عبر الإنترنت من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
في الشمال السوري عُنّفت مجموعة من النساء من قبل المجتمع لمجرد قيامهنّ بأعمال ونشاطات كانت غير مألوفة في وقت سابق، بحسب إفادة عدة ناشطات لمنصة (تأكد).
وتعرّف الأمم المتحدة العنف ضد المرأة على أنّه "أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عنه أذى أو معاناة للمرأة سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة."
تقول غالية رحال من منظمة مزايا النسائية: "إن العنف الناتج عن وسائل التواصل الاجتماعي يكون موجهًا أكثر عند طرح مواضيع كانت مهمشة سابقًا، ولدت مع الثورة السورية عام 2011، خاصة دور النساء سياسيًا وحقوقها قانونيًا وعلى رأسها الميراث وغيره من الحقوق التي كان المجتمع بمن فيه يعتبرها مسائل داخلية بين العائلات لا يمكن الحديث عنها علنًا دائمًا، لذلك عند الخوض بهذه المواضيع تبدأ موجات الهجوم والانتقاد والشتم والعنف اللفظي الالكتروني الذي يدفع الفتيات غالبًا لإعادة النظر في السبب الذي يجعل هذه التعليقات تطفو على السطح وكيف يمكن مواجهتها، علمًا أنّ المستفيدات هم بشر ولديهم مشاعر ينزعجون ويحزنون ويخافون من ردود فعل عائلاتهم للوهلة الأولى إذا شاهدوا كمية الشتائم بحقهم ولكنهم يحاولون بعدها أن يسخّروا هذا العنف كنقطة قوة يعالجوا بها الخلل الحاصل في المجتمع عامة للوصول إلى فائدة تعود عليهم جميعًا"
في الثامن والعشرين من شهر أيلول/سبتمبر الماضي نشر تلفزيون سوريا تقريراً عن قيادة المرأة للسيارة في إدلب، وعن تجربة سيدة تدرب النساء على القيادة، لكن التقرير قُوبل بردة فعل مستهجنة و مستنكرة لقيادة المرأة، وظهر ذلك في التعليقات التي حملت عبارات لفظية مهينة بحق المرأة.
تقول حنين السيد، وهي صحفية سورية تعمل مع تلفزيون سوريا: "قمتُ بإعداد تقريرٍ عن تعليم قيادة المرأة للسيارة وما إن عُرض التقرير ونشر على صفحات التواصل الاجتماعي حتى انهالت آلاف التعليقات المسيئة حول التقرير ومضامينه".
وتضيف أنهم في تلفزيون سوريا اضطروا لحذف كل التعليقات المسيئة التي وصل عددها لأكثر من أربعة آلاف تعليق مسيء للنساء عامة، وللمدربة على وجه الخصوص.
وتروي معدّة التقرير لمنصة (تأكد) حجم الضرر النفسي الذي تعرضت له المدربة بعد انتشار التقرير إذ تعرضت لحملة تشهير تعدت صفحة تلفزيون سوريا وانتشرت على عشرات الصفحات والحسابات الشخصية ما جعلها تعيش حالة توتر نفسي منعتها من الظهور في الإعلام خلال فترة الحملة.
كما تناول تقرير تلفزيوني آخر عرض على قناة "حلب اليوم" قيادة النساء للسيارات في الشمال السوري، وبعد ٢٤ ساعة من بثه اضُطرت القناة إلى حذف التقرير نهائيًا من صفحاتها بناء على طلب معدة التقرير الصحفية "سلوى عبد الرحمن".
وتقول سلوى لمنصة (تأكد) "تواصلت معي إحدى الفتيات اللاتي ظهرنَ في التقرير وتحدّثنَ عن تجربتهنّ في قيادة السيارات وطلبت أن أحذف التقرير على الفور بعد ما قرأت التعليقات السلبية التي انهالت عليها ضمن التعليقات على التقرير في مواقع التواصل الاجتماعي".
أما السيدة التي تناولها التقرير فقد تعبت جسديًا ووقعت تحت ضغط نفسي نُقلت على أثره للمشفى جراء السخرية والاستهزاء اللذان لحقها، وفقاً لمعدة التقرير.
وتوضّح معدة التقرير أنه ورغم أخذ موافقة كل النساء المستطلعة آراؤهنّ قبل التصوير، إلا أنّ ردة فعل شريحة معينة من الأشخاص على هيئة تعليقات مسيئة للمرأة ككل أتعبهنّ نفسياً وسبب لهنّ حالة من الصدمة والخوف من الظهور ثانيةً على وسائل الإعلام.
وفي الحادي عشر من تموز/ يونيو نشرت عدة مواقع إخبارية خبراً عن افتتاح مقهى خاص بالنساء في مدينة إدلب ومنها منصة سوريا ستريم التابعة لتلفزيون سوريا والتي عرضت تقريراً مرئياً عن المقهى ورأت بعض النساء فيه خطوة جديدة في المنطقة تتيح لبعضهنَ خصوصية أكبر.
تفاجأت مديرة المقهى النسائي والتي فضلت عدم ذكر اسمها بعد تعرضها للتنمر والعنف اللفظي، بالضجة التي حدثت في مواقع التواصل الاجتماعي بعد نشر تقرير تلفزيوني عن المقهى الذي افتتحته.
تقول لمنصة (تأكد) "فكرت كثيراً بإغلاق المقهى والتراجع عن المشروع كردة فعل من العنف الذي تعرضت له، غير أن حبّ النساء للفكرة وتشجيعهنّ على الاستمرار جعلني أتحدى النظرة السلبية والكلام السيء واستمر".
وتحدثت السيدة عن صدمتها من السخرية والاستهزاء واتهامها بالانتساب لجهة ما، ما دفعها لرفض الظهور في أي تقرير إعلامي قد يتناول الموضوع.
وأضافت أنّ كمية التعليقات السلبية التي طالت النساء عامةً والقائمين على المشروع خاصةً مهينة لدرجة كبيرة ولا توحي إلا بالعنف تجاه عمل المرأة خاصة إن كان الموضوع خطوة جديدة غير مألوفة لدى المجتمع".
حيث أن التعليقات التي تلت التقرير، كانت مليئة بعبارات الاستنكار والاستهجان ولا تخلو من الشتائم والألفاظ المهنية بحق المرأة، وصلت لدرجة التعليق بألفاظ ذات طابع جنسي بقصد الإهانة للمرأة. واستنكر عدد من سكان مدينة إدلب أن يكون للمرأة خصوصية، وأن هذه المجالس (المقاهي)ليست من عادات أهل المنطقة، ولا تعدو كونها جلسات غيبة ونميمة ولهو عن واجبات المرأة الأساسية.
وتقول الناشطة رحال "إن حقوق النساء السياسية والقانونية وسواها، يعتبرها المجتمع مسائل داخلية بين العائلات لا يمكن الحديث عنها علنًا". وتضيف "عند الخوض بهذه المواضيع في الفضاء العام تبدأ موجات الهجوم والانتقاد والشتم والعنف الالكتروني الذي يدفع الفتيات غالبًا لإعادة النظر في الأسباب التي تجعل هذه التعليقات تطفو على السطح.
في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر، عرضت قناة الجزيرة تقريراً تحدث عن مركز نسائي، هو الأول من نوعه في الشمال السوري، لصيانة وتصليح الجوالات.
كشفت التعليقات السلبية عن كمية العنف تجاه المرأة من قبل شريحة كبيرة من الرجال، وزاد تعرضها للعنف كما حدث في موضوع قيادة المرأة للسيارة، وافتتاح مقهى خاص بها، وعملها في مركز صيانة جوالات، فجميعها أعمال يصنفها المجتمع أنها مباحة للرجل و يستنكرها على المرأة.
وتؤكد وعد العبدالله ناشطة في رابطة المحامين السوريين الأحرار في تصريح لمنصة (تأكد) "إن التنمّر الإلكتروني الذي تتعرض له النساء أصبح سلاحاً يستخدمه المتنمر بهدف السخرية من المرأة من أي عمل تقوم به من خلال مواقع التواصل الاجتماعي التي سمحت للكثير من مجهولي الهوية التعبير عن رأيهم بحقوق النساء"، وذكرت العبدالله أن التنمر يسبب أمراضاً نفسية للضحية كالاكتئاب والعزلة عن المجتمع وفي أحيان أخرى محاولة الانتحار.
اقرأ أيضاً:
- هل السوريون هم "الأكثر عنفاً" ضد المرأة بين الأجانب في ألمانيا؟
- هل يظهر هذا المقطع اعتداء عناصر شرطة على امرأة في سلقين؟
في الخامس من شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي أطلقت منظمة "بلان انترناشيونال" حملة بعنوان "حرية التواجد على الإنترنت" بعد أن أظهر بحث لها تحدثت فيه إلى 14000 فتاة في 22 بلدًا حول العالم، أنّ أكثر من خمسين في المئة منهن تعرضن للعنف والتحرش عبر الإنترنت.
ويظهر البحث أن واحدة من كل خمس فتيات أجبرت على تحجيم استخدامها لوسائل التواصل الاجتماعي، جزئيا أو كليا، بسبب هذا العنف، وحسب التقرير، فإنّ هذا النوع من العنف يحدث عبر كل وسائل التواصل الاجتماعي، لكن موقع فيسبوك هو الحاضنة الأكبر يليه إنستغرام" و "واتساب" و "سناب تشات" ثم "تويتر" و"تيك توك".
وترى ناشطات في مدينة إدلب أن وسائل التواصل الاجتماعي أعطت مساحة من الحرية للمرأة، غير موجودة في أرض الواقع، وهذا ما مكنهنّ من التعبير عن رأيهنّ دون أي خوف أو تهديد أو عنف قد يتعرضنَ له، لكن ما يحدث أن مواقع التواصل الاجتماعي تزيد من حدة العنف والتنمر الموجه ضد النساء وفي أحيان أخرى وصل العنف لمرحلة التحرش الجنسي عبر الإنترنت.
لقاح تأكد:
ندعوك لتلقي جرعات "لقاح المعلومات المضللة" لتحصن نفسك ضد الأخبار المضللة والمعلومات الكاذبة.
© جميع الحقوق محفوظة 2024 - طُور بواسطة نماء للحلول البرمجية