هذه المشاهد لا توثق لحظة غرق سفينة بريطانية نتيجة...
الأربعاء 20 تشرين ثاني - احتيال
نوار الشبلي الجمعة 29 تشرين أول 2021
ترجمة | تأكد
اعتذرت شركة ميتا -فيسبوك سابقاً- عن إزالة تطبيق (إنستغرام) التابع لها لوسم "الأقصى" خلال العدوان الذي شنه الاحتلال الإسرائيلي على غزة منتصف العام الجاري، وألقت ما وصفته بـ "الخطأ" على خوارزمياتها التي لم تستطع التفريق بين ثالث أقدس موقع لدى المسلمين وبين فصيل "كتائب شهداء الأقصى" المسلح.
ونقلت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية عن مسؤولين في الشركة أنها "تجري أبحاثا لفهم كيفية التعامل مع إدارة المحتوى باللغة العربية وتحسين الأمر"، مشيرة في التقرير ذاته إلى أن فيسبوك يقمع الكلام العادي ويفرض حظرا شاملا على كلمات شائعة في سوريا وفلسطين ويسمح للّغة التحريضية بالازدهار على المنصة في بلدان كأفغانستان وميانمار.
بالنسبة للعديد من المستخدمين الناطقين بالعربية، كان هذا مجرد أحدث مثال قوي على كيفية قيام عملاق وسائل التواصل الاجتماعي بتكميم الخطاب السياسي في المنطقة، حيث تعد اللغة العربية من أكثر اللغات شيوعا على منصة فيسبوك، وتصدر الشركة اعتذارات عامة متكررة بعد عمليات إزالة محتوى فاشلة مماثلة.
واعتبرت الوكالة الأمريكية في تقريرها الذي نشرته يوم الثلاثاء 26 تشرين الأول/أكتوبر أن "وثائق الشركة الداخلية التي سربتها فرانسيس هوغن -مدير المنتجات السابقة في فيسبوك- أظهرت أن المشاكل أكثر منهجية بكثير من مجرد أخطاء بسيطة قليلة، وأن فيسبوك قد فهم عمق هذه الإخفاقات لسنوات، بينما لم يفعل شيئًا يذكر حيال ذلك".
تلك الأخطاء لا تقتصر على اللغة العربية، حيث يكشف فحص الملفات انتشار المحتوى الإرهابي وخطاب الكراهية في بعض أكثر مناطق العالم تقلباً، لأن شركة فيسبوك لا تزال تفتقر إلى الوسطاء الذين يتحدثون اللغات المحلية ويفهمون السياقات الثقافية، فقد فشلت منصاتها في تطوير حلول ذكاء اصطناعي يمكنها اكتشاف المحتوى الضار بلغات مختلفة.
حظر شامل في سوريا وفلسطين وازدهار لغة التحريض في أفغانستان وميانمار
في بلدان كأفغانستان وميانمار، سمحت هذه الثغرات للّغة التحريضية بالازدهار على المنصة، بينما في سوريا والأراضي الفلسطينية، يقوم فيسبوك بقمع الكلام العادي، وفرض حظر شامل على الكلمات الشائعة.
حيث اشتكى الصحفيون والناشطون السوريون الذين يغطون أخبار المعارضة في البلاد من الرقابة، حيث تقوم الجيوش الإلكترونية التي تدعم رئيس النظام السوري بشار الأسد بالإبلاغ بقوة عن المحتوى المعارض لإزالته.
قال رائد -مراسل سابق في مركز حلب الإعلامي وهو مجموعة من النشطاء والصحفيين المدنيين المناهضين للحكومة في سوريا- إن "فيسبوك محى معظم توثيقه لقصف الحكومة السورية للأحياء والمستشفيات"، مستشهداً بمحتوى تصويري.
وأضاف: "يخبرنا فيسبوك دائماً أننا نخرق القواعد، لكن لا أحد يخبرنا ما هي القواعد"، ولم يذكر رائد سوى اسمه الأول خوفاً من الانتقام.
تشكل اللغة العربية تحديات خاصة لأنظمة فيسبوك الآلية والمشرفين البشريين، حيث يكافح كل منهم لفهم اللهجات المنطوقة الفريدة لكل بلد ومنطقة، ومفرداتها المتمرسة بفعل تأثيرات تاريخية وسياقات ثقافية مختلفة.
وقد حذفت حسابات العشرات من الصحفيين والنشطاء الفلسطينيين، واختفت أرشيفات "الحرب الأهلية السورية"، وأصبحت المفردات الهائلة للكلمات اليومية محظورة على المتحدثين باللغة العربية، وهي ثالث أكثر لغة شيوعا على فيسبوك مع ملايين المستخدمين حول العالم.
إليزا كامبل -مديرة برنامج سايبر في معهد الشرق الأوسط- قالت: "المشكلة الأساسية هي أن المنصة لم تُبن أبداً بنيّة أن تتوسط يوماً ما في الخطاب السياسي لكل شخص في العالم، ولكن بالنسبة لمقدار الأهمية السياسية والموارد التي يمتلكها فيسبوك، فإن الاعتدال هو مشروع يفتقر إلى الموارد بشكل محير".
وفي تصريح للوكالة، قال متحدث باسم فيسبوك إنه على مدار العامين الماضيين، استثمرت الشركة في تعيين المزيد من الموظفين ذوي الخبرة المحلية والموضوعات لتعزيز قدرتها على المراجعة في جميع أنحاء العالم، ولكن عندما يتعلق الأمر بتعديل المحتوى العربي، قالت الشركة: "لا يزال أمامنا المزيد من العمل للقيام به.. نجري بحثاً لفهم هذا التعقيد بشكل أفضل وتحديد كيف يمكننا تحسينه".
نظام فيسبوك معيب بالنسبة لمنطقة بها تنوع كبير في اللهجات العامية
يحتل العراق المرتبة الأولى في المنطقة من حيث الحجم المبلغ عنه لخطاب الكراهية على فيسبوك، وقالت إحدى الوثائق إن المعرفة باللهجة العراقية بين المراجعين "قريبة من عدم وجودها".
وقال أحد الناشطين في مجال حرية الصحافة في بغداد -الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته خوفاً من الانتقام- "يحاول الصحفيون فضح انتهاكات حقوق الإنسان، لكن حُظرنا للتو، نتفهم أن فيسبوك يحاول الحد من تأثير المليشيات، لكنه لا ينجح".
وصف اللغويون نظام فيسبوك بأنه معيب بالنسبة لمنطقة بها تنوع كبير في اللهجات العامية التي ينقلها المتحدثون العرب بطرق مختلفة.
قالت إنعام الور -أستاذة اللسانيات العربية في جامعة إسكس: "إن الصورة النمطية بأن اللغة العربية كيان واحد هي مشكلة كبيرة"، مشيرة إلى أن "الاختلافات الهائلة" في اللغة ليس فقط بين البلدان، ولكن أيضا بين الطبقة والجنس والدين والعرق".
على الرغم من هذه المشاكل، فإن الوسطاء يقفون في الخطوط الأمامية لما يجعل فيسبوك وسيطا قويا على التعبير السياسي في منطقة مضطربة.
مخاطر إخفاقات فيسبوك عالية بشكل استثنائي
فقد النشطاء في غزة والضفة الغربية قدرتهم على البث المباشر، واختفت أرشيفات كاملة للنزاع من ملفات الأخبار، وهي بوابة معلومات أساسية للعديد من المستخدمين، لقد اعتاد المؤثرون الذين تعودوا على عشرات الآلاف من الإعجابات على منشوراتهم أن انتشارهم ينخفض عند نشرهم أخبارا عن الفلسطينيين.
قال سليمان حجي -صحفي مقيم في غزة- أن صوره الجوية للبحر الأبيض المتوسط حصدت عشرات الآلاف من المشاهدات أكثر من صوره للقنابل الإسرائيلية والتي هي ظاهرة شائعة عند وضع علامة على الصور لانتهاكها معايير المجتمع.
خلال الحرب، قدم المدافعون الفلسطينيون مئات الشكاوى إلى فيسبوك، مما دفع الشركة في كثير من الأحيان إلى الاعتراف بالخطأ وإعادة المنشورات والحسابات، وفي الوثائق الداخلية، أفاد موقع فيسبوك أنه أخطأ في ما يقرب من نصف طلبات الإزالة باللغة العربية المقدمة للاستئناف، وقال أن "تكرار الإيجابيات الكاذبة يخلق استنزافا هائلا للموارد".
في إعلانه عن إلغاء أحد هذه المنشورات الفلسطينية الشهر الماضي، حث مجلس الرقابة شبه المستقل على فيسبوك على إجراء تحقيق محايد في تعديل محتوى الشركة باللغتين العربية والعبرية، ودعى إلى تحسين القائمة السوداء الواسعة النطاق للإرهاب من أجل "زيادة فهم الاستثناءات للمناقشة المحايدة والإدانة والتقارير الإخبارية"، وفقا للبيان الاستشاري للسياسة لمجلس الإدارة.
كما شددت وثائق فيسبوك الداخلية على الحاجة إلى "تعزيز" الخوارزميات وتجنيد المزيد من الوسطاء العرب من البلدان الأقل تمثيلا وحصرهم في الأماكن التي يتمتعون فيها بخبرة اللهجة المناسبة.
وقال التقرير: "مع حجم قاعدة المستخدمين العرب والخطورة المحتملة للضرر خارج الإنترنت .. من المؤكد أنه من الأهمية بمكان تخصيص المزيد من الموارد لمهمة تحسين الأنظمة العربية"، لكن الشركة أعربت عن أسفها أيضا لأنه "لا توجد استراتيجية تخفيف واحدة واضحة".
وفي الوقت نفسه، يشعر الكثيرون في جميع أنحاء الشرق الأوسط بالقلق من أن مخاطر إخفاقات فيسبوك عالية بشكل استثنائي، مع احتمال توسيع عدم المساواة التي طال أمدها، وتهدئة النشاط المدني وتأجيج العنف في المنطقة.
قال حسام زملط -المبعوث الفلسطيني إلى المملكة المتحدة الذي ناقش مؤخراً منع المحتوى العربي مع مسؤولي فيسبوك في لندن: "قلنا لفيسبوك هل تريد أن ينقل الناس تجاربهم على المنصات الاجتماعية، أم تريد أن تسكتهم؟"، وأضاف: "إذا أزلت أصوات الناس، فستكون البدائل أقبح".
اقرأ أيضاً:
هل تسبب هاكر صيني بخروج فيسبوك وواتساب وإنستغرام عن الخدمة؟
هل تسبب توقف فيسبوك الأخير بتسريب معلومات مليار ونصف مليار مستخدم؟
© جميع الحقوق محفوظة 2024 - طُور بواسطة نماء للحلول البرمجية