ما حقيقة الوثائق التي زعم أنها تثبت مسؤولية الأسد...
الجمعة 13 كانون أول - احتيال
تتناول منصة (تأكد) في هذا التحقيق جانباً من التضليل الإعلامي الذي رافق حادثة التسرب النفطي من محطة بانياس، وتفند مزاعم المسؤولين التابعين للنظام السوري حولها، إلى جانب فبركة إعلامه الرسمي لأشخاص قدمهم على أنهم شهود عيان مستقلين تحدثوا خلال لقاءات مصورة حول الكميات المتسربة، مشيدين بما وصفوه بالاستجابة السريعة التي حالت دون وقوع كارثة وقعت فعلا.
محمد العلي السبت 04 أيلول 2021
يواصل النظام السوري تخبطه في تعاطيه مع حادثة التسرب النفطي في مدينة بانياس التي وضعته أمام أزمة جديدة تضاف إلى جبل من الأزمات التي يواجهها وسط عجزه عن إيجاد حلول لتداركها وسط غياب كامل للشفافية بالحديث عن أسبابها وتقدير الخسائر التي سببتها.
تتناول منصة (تأكد) في هذا التحقيق جانباً من التضليل الإعلامي الذي رافق حادثة التسرب النفطي من محطة بانياس، وتفند مزاعم المسؤولين التابعين للنظام السوري حولها، إلى جانب فبركة إعلامه الرسمي لأشخاص قدمهم على أنهم شهود عيان مستقلين تحدثوا خلال لقاءات مصورة حول الكميات المتسربة، مشيدين بما وصفوه بالاستجابة السريعة التي حالت دون وقوع كارثة وقعت فعلا.
الادعاء
بث التلفزيون الرسمي السوري يوم الأربعاء 1 أيلول/ سبتمبر حوارا زعم خلاله المدير العام للمؤسسة العامة لتوليد الكهرباء محمود رمضان بأن "الصورة التي تظهر التسرب النفطي في محطة بانياس الحرارية غير صحيحة".
وادّعى المسؤول في حواره عبر قناة (الإخبارية السورية) في الدقيقة (23:00) أن الصورة المعروضة عليه "مزيفة ومصدرها صحيفة هآرتس الإسرائيلية، زاعما عدم وصول التسريب إلى شواطئ جبلة وتحديدا إلى ضاحية المجد".
وخلال الحلقة التلفزيونية ذاتها عرضت القناة الحكومية تقريرا مصورا زعمت خلاله مقدمة البرنامج المذيعة أليسار معلا أنه يظهر أشخاصاً لا يتبعون لجهة رسمية تواجدوا بالصدفة في مكان الحدث، وقدمتهم على أنهم شهود على التسريب وحجمه.
وفي ذات السياق، نقلت قناة (روسيا اليوم) عن قناة (الإخبارية السورية) تصريحات لوزير الكهرباء في حكومة النظام السوري غسان الزامل زعم خلالها أن الحد الأعلى لحجم التسرب النفطي في محطة بانياس الحرارية 4 أطنان، مدعيا أن "هناك صور مزيفة يتم تداولها عن التسرب والقصد التهويل والإساءة".
وساهمت عدة مواقع إخبارية وصفحات محلية منحازة للنظام السوري بنشر الادعاءات المتعلقة بالتسرب النفطي، يمكنكم الاطلاع على عينة منها في جدول مصادر الادعاء نهاية المادة.
اقرأ أيضاً:
ما حقيقة تصنيع سفينة بحرية في مدينة بانياس السورية؟
تحقيق (تأكد) عن فيديو "الجثامين المتكدسة" ومزاعم "مشفى حاميش العسكري"
يستعرض فريق منصة (تأكد) في هذا التحقيق نتائج تؤكد تضليل النظام السوري عبر إعلامه الرسمي حول حادثة التسرب النفطي في محطة بانياس الحرارية من خلال تفنيده هذه الادعاءات.
ما هو مصدر صورة الأقمار الصناعية للتسرب النفطي؟
البداية من الادعاء الذي ورد على لسان المدير العام للمؤسسة العامة لتوليد الكهرباء محمود رمضان بأن "صورة الأقمار الصناعية التي عرضت خلال مشاركته في برنامج حواري على التلفزيون السوري الرسمي مزيفة ومصدرها صحيفة هآرتس الإسرائيلية".
حيث قاد البحث العكسي على محرك البحث Google إلى نتائج تؤكد أن مصدر الصورة هو حساب المديرية العامة للصناعات الدفاعية والفضاء (DG DEFIS) التابعة للاتحاد الأوروبي على موقع تويتر، والذي نشرها بتاريخ 27 آب/ أغسطس الماضي، وأشار أنها ملتقطة بتاريخ 25 من الشهر ذاته.
#ImageOfTheDay
— 🇪🇺 DG DEFIS #StrongerTogether (@defis_eu) August 27, 2021
A massive #OilSpill 🛢️, caused by leakage from a power plant is spreading into the Mediterranean Sea, along the coast of #Syria
⬇️#Oil visible in @Copernicus #Sentinel1 🇪🇺🛰️images acquired on ⬅️24 and ➡️25 August pic.twitter.com/Zrr71waH4J
هل وصل التسريب إلى شواطئ جبلة؟
وفي الحوار التلفزيوني ذاته، نفى المدير العام للمؤسسة العامة لتوليد الكهرباء "وصول التسريب إلى شواطئ جبلة وتحديدا إلى ضاحية المجد"، إلا أن الصور أظهرت عكس ما ادعى.
النتائج التي حصلنا عليها خلال البحث باستخدام أدوات مفتوحة المصدر عبر الكلمات المفتاحية المرتبطة أثبتت أن شواطئ جبلة شهدت وصول مادة الفيول المتسرب، حيث أظهرت صور نشرتها صفحة محلية على فيسبوك تحمل اسم (شبكة أخبار جبلة) مشاهد من التسرب في المنطقة وتحديدا قبالة ضاحية المجد التي نفى المسؤول في توليد الكهرباء وصول الفيول إليها.
وبمراجعة الصفحة الرسمية التابعة لـ مجلس مدينة جبلة تبين أنها كشفت عن وصول التلوث إلى شاطئ المدينة ونشرت عدة مرات مشاهد من قيام العمال بتنظيف التلوث النفطي، كان آخرها بتاريخ 26 آب/ أغسطس الفائت.
هل الأشخاص الذين عرض التلفزيون السوري لقاءات معهم مستقلين فعلاً؟
أما الأشخاص الذين ظهروا خلال التقرير الذي عرضه التلفزيون الرسمي التابع للنظام السوري على هامش حلقته الحوارية المشار إليها، تبين أنهم ليسوا مستقلين كما ادعت مقدمة البرنامج، وإنما موظفين في مؤسسات حكومية.
حيث قال مصدر إعلامي خاص -طلب عدم الكشف عن هويته- لمنصة (تأكد) إن "الأشخاص الذين ظهروا عبر تقرير القناة السورية هم موظفون في المحطة الحرارية في بانياس، وليس كما جرى تقديمهم كشهود على الحدث لتقييم حجم التسرب والتعامل معه".
ونوهت مصادر متطابقة من المحطة الحرارية في بانياس إلى أن شخصين على الأقل ممن خرجوا في التسجيل هم ضمن العاملين في المحطة وآخرين في مديرية البيئة، ما ينفي صحة الادعاء بأنهم أشخاص لا يتبعون لجهة رسمية.
وأكدت المصادر عمل أحد الأشخاص سائق وردية لدى محطة بانياس الحرارية، وآخر في مجموعات التوليد في المحطة، وحددت صورا لهم من التقرير بعد الظهور الإعلامي على قناة (الإخبارية السورية).
هل كمية التسرب النفطي 4 طن بالحد الأعلى؟
وزير الكهرباء في حكومة النظام السوري غسان الزامل زعم أن الحد الأعلى لحجم التسرب النفطي في محطة بانياس الحرارية 4 أطنان، إلا أن منظمات بيئية ومختصين أكدوا أن الكمية الحقيقة أكبر من ذلك بأضعاف كثيرة، وذلك استنادا لصور أقمار صناعية ودراسات تحليلية استعانوا خلالها بخوارزميات الذكاء الاصطناعي وتقنيات أخرى.
حيث أعربت منظمة (الصندوق العالمي للطبيعة WWF) في بيان رسمي لها أنها "قلقة للغاية بشأن تسرب النفط الذي حدث في سوريا وسيكون لهذا الحادث الذي يمكن منعه آثار فورية وطويلة المدى على النظم البيئية الساحلية والمجتمعات المعرضة للخطر في المنطقة".
وأشارت المنظمة إلى أن هذا هو ثاني تسرب نفطي كبير يحدث في المنطقة هذا العام، مشيرة إلى إن التسرب النفطي في سوريا كان على مساحة 800 كيلومتر مربع، ويهدد الساحل في قبرص وتركيا، ويخلف عواقب وخيمة محتملة على التنوع البيولوجي البحري والنظم.
ونشرت المنظمة دراسة تحليلية أعدت بتاريخ 31 آب/أغسطس من قبل (وكالة Orbital EOS الإسبانية للسلامة البحرية والإنقاذ) باستخدام تقنيات الأقمار الصناعية و خوارزميات الذكاء الاصطناعي والعامل على تقدير التسريبات باستخدام المنهجية العلمية بناءً على رسم خرائط السماكة.
حيث قدرت الدراسة حجم التسرب بالحد الأعلى بنحو 316.4 متراً مكعباً (331.68 طن)، و38.0 متراً مكعباً كحد أدنى (39.83 طن)، وفي كلتا الحالتين تفوق الحجم المعلن رسميا من قبل النظام السوري والمقدر بالحد الأقصى 4 أطنان فقط.
وذكر حساب (Wim Zwijnenburg) -المختص بنشر الخرائط والدراسات عبر الأقمار الصناعية- بتاريخ 30 آب/أغسطس الماضي أن كمية التسرب النفطي في بانياس أكبر مما كان متوقعاً، حيث تقدر مساحة انتشارها بنحو 1000 كيلومتر مربع، وعلّق عليها موقع TankerTrackers المتخصص بتعقب الشحنات وتخزين النفط الخام بقوله "إن تسرب زيت الوقود من محطة بانياس على وشك تدمير كامل الساحل الشرقي لقبرص".
Fuel oil spillage from the power plant at Baniyas, Syria is about to completely wreck the entire eastern coastline of Cyprus. Could news organizations kindly direct some more attention to this pressing matter? Thanks /TT https://t.co/cizT8xDh83
— TankerTrackers.com, Inc. (@TankerTrackers) August 30, 2021
اقرأ أيضاً:
هل أعلنت لونا الشبل عن لقاءات أمنية مع عدة دول بينها تركيا؟
هل احترقت سفينة "فرح ستار" التي ادعى النظام السوري تصنيعها؟
© جميع الحقوق محفوظة 2024 - طُور بواسطة نماء للحلول البرمجية