هل أجرت إيران أول تجربة نووية لها؟
الثلاثاء 08 تشرين أول - احتيال
تداولت وسائل إعلامية وحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي ادعاء يفيد بأن الشاعر العراقي مظفّر النواب، سبق وأن كال المديح لزعيم ميليشيا "حزب الله" في لبنان، إلا أن هذا الادعاء ليس ثمّة ما يؤكدّه.
نجم الدين النجم السبت 21 أيار 2022
الادعاء
نشرت حسابات في مواقع التواصل الاجتماعي أمس الجمعة 20 أيّار 2022 ادعاء، بعد وفاة الشاعر العراقي الشهير مظفّر النوّاب، يفيد بأن الشاعر سبق وأن امتدح زعيم ميليشيا "حزب الله" في لبنان بقصيدة كتبها منذ سنوات عدة، وقالت بعض الحسابات إن القصيدة كُتبت بعد حرب 2006 بين "حزب الله" وإسرائيل التي بدأت في 12 تموز وانتهت في 14 آب 2006.
ونشرت الحسابات المقطع الشعري المنسوب إلى الشاعر العراقي، والذي قيل إنه يمتدح فيه حسن نصر الله، وجاء كالتالي:
يا سيدي حسن
في جنبك الخوف أمان
يتلفعُ نصرُ الله إذا جاء
بآياتِ القرآن
هذا الفتحُ من الله ومن مارون الراس
لا من عند الأمريكان
فسبح بحمد ربك
واستغفره
ولقي الادعاء انتشاراً محلوظاً في موقعي التواصل "فيسبوك" و"تويتر"، ونشرته حسابات تتمتع بشعبية واسعة مثل حساب الإعلامي فيصل القاسم في "تويتر"، والذي حظيت تغريدته بعشرات إعادات التغريد خلال ساعات قليلة من نشرها.
هكذا مدح مظفر النواب حسن نصرالله. التاريخ لا يرحم احداً يا مظفر:
— فيصل القاسم (@kasimf) May 21, 2022
يا سيدي حسن
في جنبك الخوف أمان
....
يتلفعُ نصرُ الله إذا جاء
بآياتِ القرآن
هذا الفتحُ من الله ومن مارون الراس
لا من عند الأمريكان
فسبح بحمد ربك
واستغفره
كما تحدثت وسائل إعلامية بينها موقع "السوري اليوم" في خبر نشرته عن وفاة الشاعر أمس الجمعة، عن "تمجيد حسن نصر الله في قصائد عدة" من قِبل النوّاب، إلا أنها لم تذكر اسم أي قصيدة، يدعم هذا الادعاء.
تتبعت منصة "تأكد" الادعاء المذكور حول القصيدة المنسوبة لمظفر النوّاب، والتي زُعم أنه يمتدح فيها حسن نصر الله، زعيم ميليشيا "حزب الله" في لبنان، الموالي لإيران فتبين أنه غير مؤكد.
وعُثر على "المقطع" الشعري المتداول المنسوب لمظفر النوّاب منشوراً بمجلة "بقية الله" اللبنانية الموالية لـ"حزب الله"، في العدد 190 والمنشور في تموز عام 2007 -أي بعد عام كامل من حرب تموز 2006- وذلك في سياق ملف بعنوان "في المقاومة وسيدها.. قصائد تنثر أكاليل الانتصار".
كما نُشر المقطع الشعري ذاته، في إطار بحث منشور بمجلة "جامعة أهل البيت" بشهر آذار 2012، عنوانه "السيد حسن نصر الله في الشعر العربي المعاصر"، والذي ذكر بدوره أن مصدر المقطع الشعري هو كتاب اسمه "قناديل النصر" لمؤلفه محمد قدسي العاملي، والمطبوع في "دار الولاء" في بيروت عام 2006.
وبعد إجراء عملية بحث عن الكتاب، عُثر عليه في موقع متجر "نيل وفرات" لبيع الكتب، والذي ذكر أن تاريخ نشر الكتاب هو في 1 كانون الثاني 2006، أي قبل حرب تموز بأكثر من 6 شهور، كما تبيّن أن للكاتب كتاب آخر منشور في نفس السنة بعنوان "الملحمة الكبرى.. أيام الوعد الصادق"، والذي يتمحور أيضاً حول حسن نصر الله.
وفي حين لم نستطع الاطلاع على الكتاب مصدر القصيدة لتعذّر عملية التحميل وانعدام وجوده في مواقع الإنترنت ومتاجر ومجموعات نشر الكتب بجميع أنواعها، واصلنا عملية البحث باستخدام الكلمات المفتاحية مثل "النوّاب، وحسن نصر الله، وسيدي حسن، ويتلفّع بنصر الله.. إلخ"، بهدف الحصول على "النص الكامل" للقصيدة.
وشملت عملية البحث حسابات في موقعي "فيسبوك" و"تويتر" وتطبيق "تليغرام" مهتمة بنشر أشعار الشاعر الراحل، إلا أنه لم نعثر على المقطع المتداول ولا على القصيدة كاملة، والتي تبيّن فيما بعد أنها منشورة في مواقع ومنتديات على شبكة الإنترنت، بعنوان "كهرمان" والتي زُعم إنها من آخر ما كتب مظفر النوّاب.
ونشرت مواقع عدة مثل "MMC" و"شبكة فلسطين للحوار" و"منتديات المشهد الموريتاني" وموقع "المصدر" نص القصيدة كاملة في أعوام سابقة دون ذكر مصدرها، واكتفى بعضها بالقول إنها متداولة في "المواقع الاجتماعية"، وورد في مقطعها الثاني المنشور أيضاً في مقال بجريدة "الأخبار" اللبنانية في آب 2006:
كهرمان… يا كهرمان
في يوم واحد تتناقص ثلاثة بلدان
طهرانٌ تقضم من كبد البصرة
ومن إبطيها تُسحل غزة
وعلى "أربعة عشر" صليباً يتخوزق لبنان
وللتعليق على هذا الموضوع، تواصلت منصة "تأكد" مع الشاعر والروائي السوري إبراهيم الجبين الذي يعمل محرراً أيضاً في صحيفة "العرب" اللندنية، على اعتبار أنه كان من بين أصدقاء الشاعر العراقي مظفر النواب، ومن المطّلعين على بعض تفاصيل حياته، قبل مرضه.
وقال الجبين لمنصة "تأكد" حول القصيدة المنسوبة للشاعر، إنه يستبعد أن "تكون هذه القصيدة من كتابات مظفر النوّاب، خصوصاً أنه بين عامي 2004 و2006 كان مرض الباركنسون أو الشلل الرعاشي قد استحكم بجسد مظفّر، بسبب أعراضه الشديدة المؤثرة على الذهن والجسد في آن معاً".
وأضاف أنه "منذ إصابة النوّاب بهذا المرض القوي، ابتعد بطبيعة الحال عن محيطه وأصبح في شبه عزلة، وعاش ما تبقى من حياته مع قلة من المقربين الذين كانوا يهتمون بصحته".
ولفت الكاتب السوري أن "المقطع الثاني مع القصيدة الذي يشير إلى قضم إيران لكبد مدينة البصرة، لا ينسجم مع مدح حسن نصر الله الرجل الأول لإيران في المنطقة منذ عقود"، مكرراً عدم اقتناعه بأن "تكون هذه القصيدة من كتابات النوّاب، خصوصاً أنه سبق وأن نُسبت له قصائد كثيرة خلال سنوات حياته لم يكن له علاقة بها، وفضلاً عن ذلك، فإن تداول القصيدة المذكورة ضمن مجموعة واحدة معروفة التوجه، في غياب أي مصدر آخر للقصيدة، لا يتيح لنا إمكانية التأكد منها".
© جميع الحقوق محفوظة 2024 - طُور بواسطة نماء للحلول البرمجية